فهد بن جليد
أسعدُ كثيراً عندما أتلقى دعوة من جمعية أو مؤسسة خيرية، ليس لطلب العون والمساعدة - الذي هو واجب على كل مُقتدر - بل لحضور ورشة عمل لاستعراض خططها المُستقبلية والزمنية، أو التعرُّف على برامجها التطويرية، أو الاحتفال بنتائج حققتها إستراتيجياتها العلمية لخدمة الفئة التي تستهدفها، هنا أشعر بأن العمل الخيري المُنظَّم يُحقق أهدفه بكل جدارة، أكثر بكثير من الاجتهادات الشخصية، أو التحرّك العاطفي تجاه قضايا أو مشاكل آنية..!
أعمال وأنشطة مثل الجمعيات الخيرية أو المؤسسات (غير الربحية) لا يجب أن تكون (رعويّة) فقط، مع عدم إغفال ضرورة التدخل السريع لحل الحالات الطارئة والخاصة التي تدخل ضمن اختصاصها، فهناك برامج وإستراتيجيات ودراسات أخرى لخدمة المجتمع، ولا يمكن قبول تبني أو إعلان مثل هذا الطرح من أي جمعية أو مؤسسة (ما لم تكن هي في الأصل منظمة من الداخل)، تعمل ضمن تخصص ومسار مُحدد، وخطط واضحة مُعلنة، وتملك إدارات للدراسات والبحوث، وأقسام إعلام وعلاقات عامة تساعد الجمهور على التواصل معها بشكل منظم وواضح - بالمناسبة هناك دراسات تقول إن أكثر من 50 % من جمعياتنا أو مؤسساتنا الخيرية لا تملك مثل هذه الإدارات - وهذه نسبة مُزعجة إن صحَّت - إذ لا يمكن أن ينجح العمل الخيري أو الإنساني المؤسسي وهو لا يملك ذراعاً إعلامية، يساهم في التعرِّيف بالأنشطة والبرامج والأخبار، وينظّم العلاقة مع الجمهور الداخلي والخارجي؟ ويتأكد عندما يغيب الذراع البحثي الاستطلاعي الذي تستطيع من خلاله معرفة حال الفئات التي تستهدفها؟ والمتغيِّرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعيشونها، لتتكيف البرامج المُقدمة مع الاحتياج المُتغيّر؟!
كم عدد الجمعيات أو المؤسسات الخيرية التي أعلنت برامجها وأهدافها التي تريد تحقيقها مع بداية عام 2017م؟ للأسف (النسبة الأكبر) ما زالت لا تملك مثل هذه الرؤى والأفكار، كون العمل الخيري والإنساني ما زال مُرتبطاً - في أغلبه - بالهبات والتبرعات المُتوقّع أن تصل من المُحسنين والداعمين في مواسم الخير طوال العام، مع غياب فكرة الاستثمار لضمان استدامته، نظراً لأن القائمين في الغالب على مثل هذه الجمعيات والمؤسسات (متطوّعين) غير مُتفرّغين.. إلخ مشغولون بالعام المالي الحالي أكثر من الخطط بعيدة المدى، وهنا أعتقد أن الجمعيات الفاعلة والناجحة عليها أن تملك طواقم مُتفرِّغة كُلياً لهذا العمل إدارياً وتنظيمياً..!
برأيي أن الوقت قد حان الآن، لنُفرِّق بين التقارير الختامية للجمعيات والمؤسسات الخيرية مع نهاية كل عام - التي هي أمر ضروري بلا شك - ونتحوّل إلى التشجيع على إعلان الخطط والبرامج المُستقبلية المُتخصصة، ووضع الإستراتيجيات لتحقيقها وخدمة المُستهدفين مع بداية كل عام..؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.