د. عبدالواحد الحميد
هذا المقال قد لا تكون له علاقة مباشرة بتصريح الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه الذي قال فيه إن الهيئة تسعى لـ"نشر السعادة في المجتمع"، فهو مجرد مصادفة، ومعلومٌ أن وعود الهيئة كثيرة ومتراكمة، وآخر وعودها أن عام 2017 سيكون عام الترفيه؛ أي عام السعادة.
لكني أتحدث عن فيلم قرأت عنه في موقع بي بي سي بعنوان "البحث عن السعادة" يروي قصة رجل متشرد عاش في الشوارع وتحت الجسور وفي الحدائق وملاجئ الكنائس في المدن الأمريكية، وانتهى به المطاف إلى أن يكون مليونيراً وخطيباً ملهِما ومؤلفاً لكتاب يحمل سيرته الذاتية باع منه ألوف النسخ!
السعادة، كما نردد دائماً، شيء نسبي. وما لا يُسعد شخصاً ما قد يحقق لشخص آخر أقصى درجات السعادة. وهنا لابد أن نتعاطف مع الهيئة العامة وأن نتفهم ورطتها حين تسعى لتحقيق السعادة في المجتمع المنقسم حول نفسه بشأن معنى الترفيه وكيف يكون الترفيه طريقاً لتحقيق السعادة.
ولكن بالعودة إلى فيلم "البحث عن السعادة"، نجد أن الشخص الذي يروي الفيلمُ قصتَه قد عثر على السعادة في العمل الذي استطاع من خلاله تحقيق ذاته واحترام نفسه وتحديد مصيره بنفسه.
هذا الرجل المشرد وُلِد في مدينة ميلواكي الأمريكية ولم يكن يعرف من هو أبوه، وعاش تحت وطأة عنف زوج والدته زمناً ثم هرب من البيت وبدأ رحلة التشرد. وخلال رحلته المريرة دخل السجن ومارس العمل في مهن شاقة وعانى من الجوع والفاقة وأقام علاقة مع فتاة ولدت له طفلاً وهربت تاركة له الطفل ليبدأ فصلاً جديداً من التشرد مع طفل بلا أم في مدينة سان فرانسيكو.
ولكن في لحظة خارقة وفاصلة قرر أن يعثر على السعادة، فدخل في دورة للتدريب على العمل في السمسرة بالأوراق المالية فاكتشف إمكانيات نفسه مواصلاً المسيرة إلى أن وجد عملاً في إحدى شركات الأوراق المالية فاستأجر شقة يسكن فيها مع ابنه الصغير، وبدأ يتعلم كيف تعمل الشركات في مجال الأوراق المالية. وفي لحظة فاصلة أخرى قرر مرة ثانية أن يعثر على السعادة مستعيناً بخبراته الجديدة فأنشأ مؤسسة للتعامل بالأوراق المالية، وشق طريقه حتى صار مليونيراً.
هذا الرجل السعيد اسمه كريس غاردنر، والفيلم الذي يحكي قصته "البحث عن السعادة" تم إنتاجه في هوليوود عاصمة السينما الأمريكية وقام بتمثيل دوره الممثل المعروف "ويل سميث" الذي ترشح لجائزة الأوسكار لتمثيله شخصية غاردنر.
قصة الفيلم رائعة، وملهمة، وحقيقية وليست من وحي الخيال؛ فليت بعض شبابنا الحائر يشاهد فيلم "البحث عن السعادة" ويستلهم من السيد غاردنر دروساً في الحياة، ولكن هذا يتطلب من رئيس الهيئة العامة للترفيه أن يسمح بعرض الفيلم كفقرة من برنامجه الترفيهي الذي وعد أن يُسعِد به المجتمع هذا العام.