يوسف المحيميد
رغم اختلافنا حول ارتفاع فواتير أساسيات الحياة، الماء والكهرباء، خاصة بالنسبة لمواطن محدود الدخل، إلا أن كونهما نعمة من الله تجب المحافظة عليهما، وترشيد استخدامهما، يجعلنا نسلِّم بذلك، ونتّفق على أن ارتفاع فاتورتهما تساعدنا على التقشف في استخدامهما، خاصة الماء، وفي أرض صحراوية جافة كبلادنا تعاني من شُح المياه ومصادرها، مما يضطر الدولة للجوء إلى أصعب الخيارات، وأكثرها كلفة، وهو تحلية المياه المالحة، وجعلها قابلة للاستخدام، وتوصيلها للمنازل.
لكن ما يلفت الانتباه، ويغيب عن أذهان كثير من المواطنين، أن ثلث فاتورة الماء يذهب مقابل توفير خدمة الصرف الصحي، بمعنى أن من يسدد فاتورة ألف وخمسمائة ريال، يدفع خمسمائة منها مقابل خدمة الصرف، أي أن المبلغ ليس ثابتًا، وإنما يتغير حسب استهلاك الماء، مع أن تكلفة الخدمة وتوفيرها واحدة لدى الجميع، لذلك يبدو أن السداد لهذا الجانب غير عادل إطلاقاً، لأن من يستهلك الماء بكثرة، ويتورط بدفع استهلاك الماء حسب شريحة عالية، يضطر إلى دفع مبلغ كبير مقابل الصرف الصحي.
لذلك أليس توفير خدمة الصرف الصحي يتطلب تكلفتين، الأولى تكلفة التأسيس وهي ثابتة على جميع المنازل، كبرت مساحتها أو صغرت، استهلكت ماءً كثيرًا أم لم تستهلك، ويدفعها المواطن عند شبك الصرف الصحي لمنزله.. والتكلفة الثانية هي تكلفة الصيانة الافتراضية، وهي أيضًا ثابتة، لذلك يجب أن يقرر مبلغ ثابت على جميع المنازل، بدلاً من هذه الحسبة الغريبة.
ولو افترضنا أن من قررها كان يهدف إلى حساب الصرف الصحي نسبة إلى حساب كمية الماء المستخدمة، فإن احتساب نسبة 50 بالمائة من الماء المستخدم هي نسبة مبالغ فيها، وغير منطقية، لأن تصريف الماء ليس لها كلفة كبيرة كتحلية الماء ونقله مئات الكيلومترات من شرق البلاد، ويجب أن يعاد النظر فيها، فلا تزيد عن 20 بالمائة من قيمة استهلاك الماء.
يبقى أخيرًا تساؤل مشروع، ماذا لو رفض المواطن وصل شبكة الصرف الصحي العام بمنزله، واكتفى باستخدام خزان التصريف الخاص بمنزله «البياره»، فهل تقبل شركة المياه الوطنية بذلك؟.. وهل تستبعد هذه التكلفة من فاتورته، بما أنه لم يستفد منها؟.. أم تجبره على ذلك بحجة تمديد الشبكة للحي الذي يقطنه، وتلزمه بدفع خدمة لم يقبل بها؟.