في إطار سعي المملكة العربية السعودية وحكومتها الرشيدة لوضع الاستراتيجية الجديدة للمملكة العربية السعودية لإيجاد حلول اقتصادية بديلة للنفط، ولكي تستطيع أن تنهض بالأمة وأن ينمو اقتصادها وقوتها أمام العالم كله وتحقق المعادلة الصعبة ويكون لديها اقتصاد قوي وفعال حتى بدون النفط.. نجد أن الكثير من الخبراء والاقتصاديين وحتى السياسيين يتجهون نحو الأموال والمشروعات والتنمية الاقتصادية والموارد المالية والشراكات والاتفاقات التجارية الدولية، هذا كله كلام جميل.. لكن في زحمة هذه الأفكار والمشروعات الاستثمارية.. ينسون لبعض الوقت الإِنسان - المواطن في التنمية البشرية، فالتنمية البشرية هي المحرك الرئيسي وهي التي تجلب القوة، هي البداية الحقيقية التي تجلب الأفكار والمشروعات والتطوير، فهي التي تساهم بشكل أكبر في تنمية أي مجتمع، فقد قال تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ولازلنا ولكن!! نحتاج لتطوير أنفسنا وذاتنا وتطوير تعليمنا لتطوير أبنائنا لتطوير مجتمعنا بما يتواكب مع العصر بما يتماشى مع السرعة التي يتسارع بها العالم، وبما ينافس العولمة ولا يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا الإسلامية والعربية الأصيلة وبما لا يتعارض مع ديننا الحنيف، إذن نحن بحاجة لإعادة النظر فيما نقدمه لأبنائنا من معلومات، وفيما يحصلون عليه من معلومات سواء الدراسة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو عن طريق الإعلام بشكل عام، فقد ينجذبون لأفكار بناءة إيجابية في إطار رؤية المملكة 2030 نجذبهم للمشاركة الفاعلة لبرنامج الوطن برنامج نهضة الأمة نهضة المملكة حتى تكون لها الريادة في كل المجالات، صحيح لن نطلب من أبنائنا في يوم وليلة صناعة صاروخ أو قنبلة نووية ولكن من صنعوها ليسوا بأفضل أو أذكى منا.. في كتب التاريخ درسنا أن العرب والمسلمين كانوا الأوائل في العلم، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
(جابر بن حيان أبو الكيمياء - أبو بكر الخوارزمي في الرياضيات - أبو حنيفة الدينوري في علم النبات - أبو معشر الفلكي والبيروني بعلم الفلك - أبو بكر الرازي وابن سينا بالطب - ابن الهثيم بعلم البصريات - عمر الخيام بالرياضيات - الزمخشري بالجغرافيا - ابن الرزاز الجزري الميكانيك - ابن جبير جغرافيا - الإدريسي بالجغرافيا والنبات والفلك والطب والفلسفة والأدب)، حتى أن أول من فكر بالطيران كان عربي مسلم هو أبو القاسم عباس بن فرناس بن فرداس مخترع وفيلسوف وشاعر أندلسي من قرطبة.
إذن فهذه كلها جوانب إيجابية فالبداية عندنا نحن الأوائل، علينا أن نعرف كيف ذلك ونحدد كيف نبدأ كيف ننتمي للوطن لمشروع نهضته يدا بيد مع حكامنا نسعى لتطوير أنفسنا لتطوير أفكارنا، المسألة ذات محورين أساسيين:
المحور الأول: كيف تتبنى الدولة تنمية أفكار ومهارات شبابها وبناتها لأنهم هم الوقود الحقيقي لقوة أي أمة والأقوى حتى من النفط!!
أود هنا أن أوضح أن البداية الحقيقية تكمن في الإِنسان - المواطن وبالتالي على الدولة أن تتبنى أفكارا جديدة بالتعليم بتطوير الذات بتحفيز الشباب (رجالا ونساء) على ألا يقف كل منهم عند حد الحصول على الشهادة سواء المتوسطة أو الثانوية أو الجامعية، عليه تطوير نفسه وتطوير مهارته بالحصول على الدورات التدريبية التي تؤهله لسوق العمل، فكل منا لديه طاقة إيجابية عليه تحفيز هذه الطاقة بالجوانب الإيجابية وأن تغلق الدولة كافة الطرق التي تؤدي إلى الأفكار المتطرفة أو المنحرفة، نحن مجتمع بطبعه متدين مسالم محب للخير، على الدولة أن تبدأ من هنا ليس فقط بالوعظ والإرشاد ولا ننكر دورهما فلهم الدور الأكبر ولكن هناك مجالات أخرى يجب أن نتبناها على سبيل المثال لا الحصر (الرياضة - الثقافة العامة - الاقتصاد - الأبحاث - التكنولوجيا وغيرها من المجالات)، فالعالم وصل في البحث العلمي إلى دراسة النانو تكنولوجي وهو علم دراسة داخل نواة الذرة وسرعتها وآلية عملها، فالعلم ليس له حدود قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}.
فيجب أن تعرف الدولة أين الطاقات الكامنة داخل شبابنا وتبدأ بمساعدتهم في أن يطوروا هذه الطاقة وينموها، لكي يكونوا مواطنين صالحين يخدمون بلادهم ويحققوا نهضتها ولا يكتفون بأن يحصلوا على الشهادة ويجلسون بالمنزل ينتظرون أن تهبط عليه الوظيفة من السماء، يجب أن نساعدهم ونهيئهم للحصول على الوظيفة والكفاح من أجل الحصول عليها.
المحور الثاني: وهو الإِنسان - المواطن نفسه، فعلى كل واحد منا أن يبحث عن الطاقة الكامنة المخزونة بداخله سواء كانت هواية أو مهارة، فكل واحد خلقه الله سبحانه وتعالى بداخله طاقات إيجابية هائلة تحفزه للعمل وحب الحياة، لكن المشكلة تكمن في كيف أطور هذه المهارة أو أنميها، فعندما يجد الإِنسان أن لديه هذه الطاقة الكامنة والقوة الخارقة من هنا يبدأ، وعليه أن يسعى بكل قوة لتطوير هذه الطاقة أو المهارة سواء بالحصول على الدورات والمشاركة في ورش العمل التي منها سيطور نفسه ويكتسب الجديد من الطاقات والعلاقات التي من خلالها سيجد ضالته، ويحصل على الكثير من الفرص والوظائف التي في النهاية ستخدم نهضة أمته وتحقق رؤية المملكة 2030.
إذن القصة جداً بسيطة وسهلة لكن تحتاج لتضافر الجهود ولتلاقي الأفكار بين الدولة والإِنسان، فالإِنسان هو الأداة الرئيسية والقوة الخارقة التي يمكن أن تحقق ما لا تحققه الموارد الأخرى، والأمثلة للشعوب كثيرة حولنا والتي حققت نهضتها من خلال شعوبها ولم يكن لديها أي موارد، لكنها وجدت أن قوتها الرئيسية في الإِنسان (المواطن) الذي جعل منها قوى اقتصادية عظمى بالعلم والعمل والأمثال عديدة على سبيل المثال لا الحصر (اليابان - كوريا - ألمانيا.. وغيرها من الدول) فبالعلم تنهض الأمة وبالعمل تكتسب قوتها.
فنحن لسنا أقل من هؤلاء ولا هؤلاء.. الشعوب فقط تحتاج إلى الدعم والتوجيه الصحيح خصوصاً الطاقات الكامنة بالشباب والبنات فهم أمل المستقبل لهذا البلد المعطاء. وفق الله حكامنا ووفق الله شبابنا لما فيه الخير والصلاح من أجل نهضة هذه الأمة تحت راية العز والفخر وراية المملكة العربية السعودية (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
- وليد فتحي محمد
waled.fathi@gmail.com