عبدالعزيز السماري
أحيانا أتساءل لمن أكتب، ولماذا تخرج الكلمات تباعاً ما إن أبدأ بكتابة مقال، ولماذا هذا الإصرار على المشاركة في الإضافة لمساحة التعبير في رحاب الوطن الواسع، وأين تكمن على وجه التحديد حدود التعبير في هذه الإضافات القصيرة.
هل هي الرغبة في الكتابة لمجرد الكتابة، أم هو قلق المعاناة من أجل الوصول إلى حياة أسمى، وإلى دعوة المحافظة على وطن يحتضن مواطنيه دوماً بدفء وأمن، ولهذا أكتب، ولهذا يكتب الكثير ويغرد، ولهذا السبب يعاني الكثير من الاصطدام بتلك الحدود.
نكتب من أجل وطن ينعم بالأمن والاستقرار، ويسير بروح جماعية مصابة بالقلق الإيجابي، تحرص على مكتسباته التاريخية، وتسهر من أجل أمنه واستقراره، فقد تعلمنا من الماضي والحاضر أن الأشياء الجميلة قد تختفي فجأة وبدون مقدمات، وأن الأوطان تمرض بثقافة الإقصاء، وتحيا بروح المساواة والألفة والإصلاح، وقد تتلاشى إذا روج أحدهم أن الوطن هو تلك الأيدولوجيا التي يتناقلها البعض في قنواتهم السرية عبر الحدود.
نكتب من أجل وطن يتمتع فيه مواطنوه بالحقوق والواجبات، وبالمساواة التي لا تفسدها الفئوية أو العنصرية أو الطائفية، وبالوطنية التي هي حقوق ومشاركة وإنجاز، ولا يمكن قياسها بالترمومتر أو بفحص مخبري، ولكن حالة جيو سياسية فرضها الإرث وكرستها ثقافة العصر ودروس التاريخ.
نكتب من أجل وطن يحقق فيه شبابه وفتياته أحلامهم في حياتهم، ويجدون فيه البيئة التي تساعدهم للوصول إلى مستوى الإنجاز.
نكتب من أجل وطن يتمتع باقتصاد قوي، ولا يتأثر بأسعار النفط، والاقتصاد القوي هو الذي ينمو من عمل سواعد أبنائه، ومن جهد إصرارهم على الخروج من ماضي المعاناة والجوع والفقر.
نكتب من أجل وطن يسمو فوق الأمم بإنجازات أبنائه العلمية، وبأنظمته الصحية التي تصل إلى أبعد قرية نائية في البلاد.
نكتب من أجل وطن يفخر به الأحفاد في مستقبل الأيام، وتهاجر إليه العقول والأموال، ويرفض أن تكون الأمية والفقر مكونات رئيسية في بنيته التنموية.
نكتب من أجل وطن لا يهاب الصعاب، ويذود عن حدوده جنود أشداء، وتحرسه عيون لا تنام، ولا يقبل المساومة على شبر من أراضيه.
نكتب من أجل وطن لا يقبل أن يكون الفساد أحد مرتكزاته الاقتصادية، وأن تسوده روح القانون والعمل المؤسساتي البناء.
لهذه الأسباب نكتب، ولهذه الأمنيات يكتب الآخرون، فالجميع من مختلف عناصر هذا الوطن الكبير يحلمون بأن يستمر هذا الكيان حصناً منيعاً ضد آفات المرض والفقر والتطرف، وأن يظل خارج اللعبة الكبرى للأمم.
فما نعيشه هذه الأيام من ضياع للأوطان في المحيط العربي، يجعلنا في حالة قلق مستمر من كيد الزمان، ويحولنا إلى حالة مستمرة من القلق حول الوطن الغالي، ومن أجل هذا نكتب..حمى الله الوطن العزيز، وأطال الله في عمره المديد..