«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
كل العالم شهد في السنوات الأخيرة قلقًا كبيرًا مشوبًا بالضيق من تدني أسعار النفط، وما سببه لمختلف الدول المنتجة له من تراجع في ميزانياتها، كذلك الدول غير المنتجة والمستوردة له تراجعت إيراداتها المالية القادمة من هذه الدول المنتجة؛ وبالتالي شاعت في دول العالم الغنية والمتوسطة والفقيرة ظاهرة تراجع أسعار السلع بصورة لافتة، اللهم إلا في بعض الدول التي دائمًا كانت تعاني ارتباط عملتها بالدولار، وتأثير ذلك على قوة صرف عملتها. ومنذ أزمة النظام المالي العالمي قبل عقد من الزمن تقريبًا تعيش العديد من دول العالم في دوامة ارتفاع الأسعار في أسواقها؛ وبالتالي امتدت هذه الدوامة إلى مختلف الخدمات والمجالات، وتحت مسميات مختلفة، يعرفها ويفهمها كل متخصص في الشأن الاقتصادي وحتى التجاري.. لكن المواطن - كل مواطن - لا يعرف حقيقة الأسباب الحقيقية التي تجعل سلعة معينة يختلف سعرها من محل إلى آخر؛ لذلك ليس معقولاً أبدًا أن يكون هذا الاختلاف الذي بات دائمًا بعيدًا عن نظر عيون رجال التجارة أو الأمانات والبلديات. زيارة واحدة على البقالات والمراكز التموينية داخل الأحياء وهي تشكل نسبة كبيرة جدًّا على مستوى مدن وقرى وهجر المملكة سوف تجعل هذا المراقب يكتشف صدق ما نشير إليه هنا. والضحية قبل وبعد المواطن البسيط الذي عادة ما يتردد على هذه البقالات وتلك المراكز التموينية لشراء ما قد يحتاج إليه من مواد تموينية واستهلاكية، وبحكم أن لا توجد ملصقات للأسعار على السلع في العديد من البقالات التي في العادة يديرها الآلاف من أبناء دولة آسيوية، بل إنهم - والحق يقال - هم أصحابها الفعليون. ومع إشراقة كل يوم يختلف سعر طبق البيض مثلاً من بقالة إلى أخرى. وقس على هذا بأنواع مختلفة من السلع الغذائية، رغم أن هناك انخفاضًا في بعضها عالميًّا، وخصوصًا السلع والأغذية الأساسية والتموينية والاستهلاكية. ولا ننسى الأدوية التي أسعارها راحت تحلق عاليًا.. إلى درجة يصعب معها على المواطن وحتى المقيم شراؤها.؟! والجميع يعلم أن دوامة الأسعار امتدت لمختلف الأسواق بصورة مخيفة ومؤثرة على جيب المواطن محدود الدخل والفقير..؟! ورغم ما تبذله وزارة التجارة - والحق يقال - من جهود إلا أن فروعها المختلفة يجب أن يكون دورها فاعلاً، وأن لا يستكين الموظف المكلف بالمتابعة والمراقبة إلى السكينة وحتى التأخير في القيام بمهامه ومسؤولياته.. وحبذا لو تعاقدت الوارة مع العشرات من الموظفين الحكوميين المتقاعدين الذين ما زالوا يتمتعون بالحيوية والنشاط للمراقبة والتفتيش.. على أن يُمنحوا مكافأة فصلية، ويفضل أن يتم اختيارهم من الأحياء التي يقيمون فيها؛ حتى تسهل عليهم مراقبة المحال والبقالات والمراكز الموجودة في الجوار.
لقد صادف قبل سنوات أن شاهدتُ في دولة عربية خليجية أحد المراقبين يدخل مركزًا تموينيًّا، ويفحص ملصقات الأسعار، ويقارنها بقائمة كان يحملها في حقيبة صغيرة.. وكان هذا المفتش قد جاء سيرًا على الأقدام. بهذا الأسلوب البسيط قامت هذه الدولة بالتصدي لمن يحاولون العبث بالأسعار واستغلال الوطن ومواطنيه لمصالحهم وجشعهم الدائم على حساب الوطن والمواطن وحتى المقيم. نحن بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في وجود العمالة الوافدة في البقالات ومراكز التموين.. وأعتقد أن وجود المواطن السعودي في مثل هذه الأماكن سوف يساهم في الحد من ظاهرة اختلاف الأسعار وارتفاعها غير المقبول..؟! وعلى وزارتَيْ التجارة والعمل الاهتمام بذلك؛ لنوفر مئات الآلاف من الوظائف لشبابنا الباحث عن العمل؟!