أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: العرب هم الواسطة بين كافة المسلمين وبلاغ الشرع المطهر عقيدة وشريعة؛ وهم الذين على أيديهم بعون الله سبحانه وتعالى امتدت بلاد العرب والمسلمين في القرون الثلاثة الأولى الممدوحة؛ فالقومية العربية إذن مشروطة بالاهتداء بالدين، والخضوع له في أخباره وأوامره ونواهيه؛ وعلى هذا كانت مسيرة الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى في إجابته على هذا السؤال: «نرى كل يوم في الصحف الخارجية مقالات كثيرة عن المؤتمر العربي الذي عقد في القدس، وأيضا عن المؤتمر العربي العام المنوي عقده في المستقبل القريب؛ ونظرا لأن بلادنا تشمل القسم الأكبر في الجزيرة العربية، ولها منزلتها الدينية والجغرافية الممتازة، وأنها مادة العرب في أحسابهم وأنسابهم وتاريخهم اللغوي والسياسي منذ أقدم عصور التاريخ: فمن الضروري أن يكون لنا اتجاه سياسي واضح يتناسب مع هذه المنزلة؛ فأسترحم من جلالة مولاي الإدلاء برأيه العالي في هذا الموضوع الذي تشرئب له أعناق العرب؟»؛ فقال رحمه الله تعالى في إجابته: «تعلم أن أول واجب علي هو السير في بلادي وأهليها سيرة السلف الصالح: من حيث إيصال كل ذي حق إلى حقه، وأن يكون الناس على اختلاف مراتبهم في رغد من العيش والأمن والسعي؛ لترقي مرافق البلاد، وتنظيم النظم اللازمة لإدارتها سالكا بذلك الطريق التدريجي الممكن.. أما أحوال ما يجاورها من البلاد العربية؛ (أي المجاورة لبلادي): فهي تهمني كما تهم كل ناطق بالضاد، ولاشك في أن العرب لا يمكن أن يبقوا على تباعد بعضهم عن بعض مدى الدهر، ولا شك في أن ما يسعون إليه من عقد مؤتمر تلو آخر: إن هو إلا اعتقاد راسخ تسلسل معهم منذ عرفهم التاريخ.. تغلغل في دمائهم؛ ليكونوا يدا واحدة على إعادة مجد الإسلام، وليعودوا فيكونوا العضو الصالح في المجتمع الإنساني كما كان آباؤهم المثل الأعلى لتنوير البشر: في التشريع، والعلوم، والصناعات، وفي كل ما يعلي شأن البشر، ويهون احتياجاتهم؛ وهذا الأمر حق طبيعي لهم لا يلومهم عليه أحد؛ فالمؤتمر العربي الذي عقد قبل أشهر كان وليد الشعور العظيم بالحاجة إلى التفاهم بين العرب؛ للعمل على ما فيه منافعهم العامة المشتركة.. وإني آمل أن تكون أبحاث المؤتمر العربي المقبل، وغايات أعضائه موحدة خالصة من شوائب الشخصيات والمنافع المادية التي أخرت العرب عن الاتحاد والتضامن حتى اليوم».
قال أبو عبدالرحمن: كان الملك عبدالعزيز في آخر حياته يدف على عربية وقد أولم لطلبة العلم، وكان يستقبلهم، ويسير معهم في عربيته إلى المائدة؛ وكان مما حفظ لي شيخي محمد بن عبدالرحمن بن داوود رحمه الله تعالى قول الملك عبدالعزيز: (يا عيالي قمت إن شاء الله بما يجب علي، وأدى اباؤكم دورهم في الجهاد، وبقي دوركم أنتم في تحصيل العلم وتعليمه).. وكنت بصحبة ابن داوود رحمه الله تعالى وعمري ستة وعشرون عاما؛ إذ أخبرني بذلك.
قال أبو عبدالرحمن: لا يخلو زعيم من مناوىء، ومن شانىء له بحق أو بباطل، ومن متقول عليه.. رحمه الله، وقدس روحه، ونور ضريحه؛ وإلى لقاء في السبت القادم إن شاء الله تعالى, والله المستعان.