وصل (الموصليّ) لميناء بورسعيد، أخذ وُريقة صغيرة كتب فيها السطور التالية: «وصلت الآن بورسعيد في طريقي إلى أوروبا لأشغال خاصة ومن ثم سوف أرجع إلى الجزيرة لإتمام رحلتي» ومن ثم بعثها لصديقه الصّحافي محمد علي الطاهر بتاريخ 6-9-1930م، بعد أن ذيّلها بـ(السائح العراقي) مع توقيعه، الذي ساح في الأرض وجال كثيرًا لتتعدّد لحظاته المتناقضة بتوقيت مزاجه، فكان صوت هتلر الموجه للعرب عبر إذاعة برلين العربية، وحاضرًا لبعض مجالس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، ورفيقًا لعبد الرحمن بدوي في أيامه الباريسيّة الأولى، وصديقًا لعبدالعزيز الرشيد كاتب تاريخ الكويت في سنغافورة، وذاق مرارة السجن عدّة مرات، وتزوج أكثر من مرة من مختلف بلدان العالم، ونطق لسانه أكثر من لغة؛ لتعطيه حضورًا مختلفًا وغريبًا ومحيّرًا عند البعض في الذاكرة العربية الحديثة مما جعل سيرته المتنوعة جاذبة لعديد من عمّال المعرفة؛ لا سيما للمؤرخين الذين حرصوا على تتبع آثاره الكتابية والصحافية والصوتية النادرة لما لها من دلالات وإشارات على مرحلة مهمة من تاريخنا العربي في العصر الحديث.
قال فيه الشاعر الكويتي خالد الفرج:
سرى يقطع الدنيا ويذرع أرضها
تقاذفه وديانها ووعورها
تزمهره فوق الجبال ثلوجها
ويلفحه بين الصحاري هجيرها
ويسري كأن الريح أعطته طبعها
يسابقها وهي السريع مرورها
ويشرق مثل النجم في كل بلدة
يحادثه عمرانها ودثورها
إمضاء العراقي يونس بحري: تحرك على ورق الترحال كثيرًا؛ كي لا تستقرّ أوراقه عند المؤرخ...!
- حمد الدريهم