يوسف المحيميد
تستهدف الميزانية في عام 2020 زيادة الدخل من رسوم العمالة الوافدة إلى نحو 65 مليار ريال، حسب المكاتب الاستشارية الأجنبية التي وضعت هذه الخطط، بحيث تبدأ تدريجيًا من النصف الأول لهذا العام، ثم تزداد هذه الرسوم بداية من العام القادم إلى 400 ريال شهريًا عن كل عامل، وتنتهي بعد ثلاث سنوات برسوم 800 ريال شهريًا عن كل عامل، ويحقق ذلك نمو الإيرادات من هذه الرسوم، من مليار ريال لهذا العام، ثم 24 مليار العام القادم، و44 مليار ريال العام الذي يليه وهكذا!
هذا الطرح النظري منطقي، تبعًا لأعداد العمالة الوافدة في البلد، لكن السؤال المهم هل سيبقى عدد العمالة كما هو خلال السنوات القادمة؟ هل سيتفرج أصحاب المال والشركات الكبرى على ما يحدث، ويحافظون على أعداد عمالتهم كما هي؟ أم ستقوم هذه الشركات والمصانع بالتخفف تدريجيًا من أعداد العمالة لديها؟ وهو ما يحدث فعلاً في هذه الأيام، فكثير من الشركات خفضت من عمالتها، إما بتقليل الإنتاج أو بإقفال بعض المصانع ذات هامش الربح البسيط، بالتالي فإن هذه الافتراضية بتحصيل 65 مليار ريال بعد ثلاث سنوات قد لا تكون دقيقة، لأنها مبنية على أعداد العمالة الحالية في السوق السعودي، وهو أمر غير مضمون إطلاقًا!
وهذا الأمر أيضًا ينطبق على رسوم مرافقي الوافدين، فقد يقرر الكثير منهم أن يبقي عائلته خارج البلاد تحاشيًا لدفع رسوم عنهم، وهذا أيضًا يقلل من مدى دقة حسابات هذه الرسوم المتوقعة، ولعل الأمر الذي يثير التساؤل هو احتمالات ردود فعل أصحاب المال والأعمال السعوديين تجاه هذه الإجراءات، فهم أمام خيارين، إما الاستغناء عن العمالة تدريجيًّا، وتقليل نشاطهم التجاري في السوق، وهذا قد يضر نمو الاقتصاد مستقبلاً، أو الخيار الثاني وهو رفع الأسعار للسلع والخدمات، وتحميل هذه الرسوم على المواطن بشكل غير مباشر، وهو أمر متوقع، كما يحدث في كثير من الدول، برفع الأسعار تدريجيًا، وتحميل أي رسوم (مفروضة على التاجر) على المستهلك (الغلبان)، وهو الجدار القصير الذي يمكن للجميع تجاوزه، لكن المأزق المتوقع هو أن يصيب الكساد كثيرًا من هذه السلع والخدمات، بسبب انخفاض القوة الشرائية لدى المواطن، ما يعني ضرورة وضع كل الاحتمالات المتوقعة لنتائج مثل هذه القرارات، وهو الأمر المهم المتمثل بمراجعة الخطوات التي تسير بِنَا نحو المزيد من النماء والازدهار.