لبنى الخميس
قبل أسابيع قليلة شارك باراك أوباما في التمثيل في فيديو كوميدي يتناول حياته بعد الرئاسة و«يطقطق» فيه على نفسه، ويحاول أن يجيب بفكاهة على السؤال الذي أشغل الجميع وأثار فضول الشارع السياسي والشعبي عالمياً.. رئيس سابق، خريج جامعة هارفارد، يتمتع بالكاريزما، وموهوب جداً بالخطابة والتأثير في الجموع.. ماذا سيفعل؟
تنوعت التنبؤات، ما بين عودته لتدريس القانون لكن في جامعة كولومبيا العريقة هذه المرة، فقد صرح سابقاً لمجلة (النيويوركر) أنه يحب القانون وفن المجادلات وسرد الحجج، وأنه اشتاق للتدريس والتفاعل مع الطلبة داخل الفصول الدراسية.الاحتمال الآخر يأتي من عمق شغفه بكرة السلة التي ظل يمارسها بانتظام حتى بعد توليه الرئاسة، وهو أن يمتلك نادياً لكرة سلة.. أما الأمر الاحتمال الثالث فهو أن يكتب مذكراته كونه كاتبا جيدا له ثلاثة إصدارات ناجحة في السوق فاقت مبيعاتها الـ 15 مليون دولار.
لكن ماذا عن باقي الرؤساء الذين وضعوا بصماتهم في تاريخ البلاد، وعادوا بعد سنوات قليلة إلى منازلهم بعد أن قطنوا البيت الأبيض لمدة لا تقل عن 4 سنوات؟
بيل كلينتون:
بعد انتهاء فترته الرئاسية في عام 2001 انتقل بيل كلينتون مع زوجته إلى ولاية نيويورك واستقر في إحدى ضواحيها، وبات يجوب العالم ليقدم محاضرات تتناول سيرته والدروس التي تعلمها من مسيرته السياسية الثرية. كما أسس «كلينتون فاونديشن» التي تعنى بقضايا الصحة وبدانة الأطفال وتقدم منحاً تعليمية للنساء والفتيات حول العالم، دون أن ننسى دعمه لمشوار زوجته السياسي كسيناتور ووزيرة خارجية بالإضافة إلى ترشحها للرئاسة في دورتين متتاليتين. إحدى أشهر ومضات مسيرته بعد انتهاء فترة رئاسته هي كتاب مذكراته بعنوان «حياتي» الذي نشره عام 2004 وتلقى عليه 15 مليون دولار مقدماً.
رونالد ريغان:
تقاعد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الذي بدأ مسيرته كمعلق رياضي، ثم ممثل سينمائي في جنوب كاليفورنيا وكتب مذكراته وسط جبالها الخضراء وأجوائها الساحرة، وفي آخر 10 سنوات من حياته أعلن إصابته بمرض الزهايمر، وظل رغم غزو النسيان والخرف خلايا عقله يتذكر اسم زوجته نانسي ريغان، التي تصنف قصة حبهما أنها الأكثر صدقاً ورومانسية في مسيرة البيت الأبيض.
جيمي كارتر:
قد يكون الرئيس الأمريكي جيمي كارتر أكثر رؤساء أمريكا في القرن العشرين نشاطاً بعد الرئاسة، كان كارتر نشيطاً للغاية بعد مغادرته البيت الأبيض، حيث أقام مركز كارتر للنهوض بحقوق الإنسان في عام 1982، وسافر على نطاق واسع لإجراء مفاوضات السلام، وعمل على مراقبة الانتخابات، وتعزيز الوقاية من الأمراض والوقوف بجانب الدول النامية. كارتر وزوجته روزالين شكلوا ثنائياً نشطاً وملهماً في قضايا السلام والعدالة الاجتماعية، كما نشر عدة كتب من ضمنها مذكراته، وبعض آرائه السياسية، بل وحتى كتاباً في الشعر. وفاز عام 2002 بجائزة نوبل للسلام.
كما يقول المثل: «لكل زمان دولة ورجال» و«لو دامت لغيرك ما وصلت إليك». أعتقد التحدي الحقيقي لكثير من الرؤساء والوزراء وكل من يكلفه الله سبحانه وتعالى بسلطة تمنحه صلاحية صناعة القرار، هو ليس حياته أثناء وجوده على رأس العمل بل مسيرته عقب ذلك. الإرث الذي يتركه، إلى جانب استمراره في الدفاع عن القضايا والأفكار والقناعات التي يؤمن بها. من خلالها يصبح عطاؤه مرتبطاً بوجوده على وجه الأرض وليس على مقعد الكرسي.