د. عبدالواحد الحميد
تقدمٌ ملحوظ حققته بعض الأجهزة الحكومية في التحول إلى بيئة إلكترونية رشيقة يتقلص فيها استخدام الورق شيئاً فشيئاً لصالح التعامل الرقمي، وكل ذلك بفضل «برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية» الذي تم إطلاقه منذ عدة سنوات وكذلك بفضل حماس الأجيال الجديدة من الموظفين الشباب الذين ينتمون لعصرهم؛ عصر الكمبيوتر والإنترنت والتقنية المتقدمة ووعود «الثورة الصناعية الرابعة».
وقد لاحظ مراجعو الأجهزة والإدارات الحكومية والمتعاملون مع البنوك ومختلف المؤسسات التغير الجذري الذي حدث خلال السنوات الماضية على الإجراءات التي كانت مطولة وعقيمة في السابق ثم أصبحت في الوقت الحاضر مريحة وسهلة في العديد من هذه الإدارات والمؤسسات.
واليوم صارت الأجهزة الحكومية تتسابق على توظيف التقنية في تعاملاتها وتتخلص تدريجياً من الورق. ومن بين الأجهزة التي حققت تقدماً لم يكن أحدٌ يتوقع أن يتم بمثل هذه السرعة المحاكم وكتابات العدل والإدارات التابعة لوزارة العدل. فقد كانت هذه الأجهزة مضرب الأمثال في التمسك بالأساليب التقليدية في جميع إجراءاتها، إلا أنها فاجأت الجميع في التحول الذي بدأت تحققه، وبخاصة عندما بدأ الوزير السابق الدكتور العيسى بحماس شديد البرنامج الجريء للتحول الرقمي.
وقد سعدت بمتابعة الأنشطة الأخيرة للوزارة التي انطلقت تحت شعار «محكمة بلا ورق»، حيث وجه وزير العدل وليد الصمعاني جميع المحاكم ودوائر التنفيذ بوقف استقبال الإحالات الورقية والاقتصار على التقديم الإلكتروني، ما يُسَهِّل الإجراءات ويُعجِّل بالبت في القضايا وتنفيذ الأحكام. وقد دشن الوزير المشروع في محكمة التنفيذ بالرياض مؤخراً بعد أن كان قد تم بدء العمل به سابقاً في كل من محكمة التنفيذ في المدينة المنورة ومحكمة التنفيذ في بريدة. وقد كانت هناك خطوات أخرى قامت بها الوزارة في كتابات العدل وبعض الأجهزة والإدارات التابعة لها، لكن المشروع الجديد سوف يكون خطوة تكميلية متقدمة تسهم في إنجاز مشروع تطوير مرفق القضاء الذي بدأ في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله.
ما زال الطريق طويلاً في وزارة العدل وغيرها، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي تنتفي فيه الحاجة تماماً إلى مراجعة الأجهزة الحكومية وأن يتمكن مراجعوها من إتمام جميع الإجراءات عن بُعد باستخدام التجهيزات التقنية التي أصبحت متاحة من الناحية الفنية والاقتصادية، فقد ثبت من خلال التطبيقات التي تمت حتى الآن في بعض أجهزتنا الحكومية أن بالإمكان التخلص من التعاملات الورقية بالكامل تقريباً في أي جهاز حكومي مهما تذرع بعض المسؤولين المقاومين للتغير بصعوبة ذلك.