كوثر الأربش
أنا حزينة، نومي متقطع منذ ثلاثة أسابيع، الحكاية أني كنت أسير في أحد ممرات منشأة ما، عندها نادتني سيدة أربعينية باسمي، كانت يدها ترتجف، صوتها متقطع، أنفاسها كذلك. كانت هناك دمعة تحوم في عينها. ستة أطفال معلقون في رقبتها، وملحق ينتظر دفع إجاره البالغ 22 ألفًا. قالت لي: «كيف يمكنني أن أتدبر كل شيء، شهادة ثانوية لم توفر لي إلا وظيفة متواضعة براتب زهيد.. أنا أطلب مساعدتكِ». قالت هذا وجعلتني لا أنام لأيام، لأسابيع. إنها ليست مطلقة؛ لذا لا يشملها الضمان الاجتماعي، كل ما في الأمر أن الزوج ذهب لأخرى، نساها مع أولادها الستة، تركهم يواجهون سؤال المستقبل لوحدهم دون أن يكون معهم.
منذها وأنا لا أدري أي باب أطرق، أي جهة ستنقذها، تنقذني أيضًا. أعني أن أراها سعيدة، دون أن تحمل هم أولادها وبطونهم الفارغة.
بينما كنت أتصفح جرائد يوم أمس، رأيت خبر تدشين «حساب المواطن» الذي أنشأته وزارة العمل والتنمية الاجتماعية. يقول الخبر إنه في بداية فبراير سيكون الحساب متاحًا للجميع، وأن 635 مأمورة اتصال ومشرفة يعملون 18 ساعة يومياً، لخدمة المستفيدين، و142 موظفاً وموظفة للدعم الفني، إضافة إلى دعم هذا الفريق من قبل 73 مهندساً من شركة علم لأمن المعلومات، لضمان تقديم الخدمة للمواطنين بكفاءة. إنه وعي يستحق الإشادة أن تفتح وزارة قناة تواصل مباشرة مع المواطن، أن تضع يدها على حاجاتهم. لكنني ما زلت قلقة. لذا كتبتُ هنا، رغم أني كنت أفضل أن أتحدث مباشرة للدكتور علي بن ناصر الغفيص، وزير العمل. أن أشكره وأهنئه على تدشين «حساب المواطن». كنت أريد أن أقول له: «الناس تريد أن تعمل يا معالي الوزير. هكذا وببساطة والسيدة التي قابلتني في الممر، مسؤولة منك ومني، ومثلها كثيرون ولكن بلا حيلة ولا تدري أين تذهب». المساعدات المادية تعني الكثير للعاجز، للمقعد، لكبار السن وللموظفين ذوي الدخل المحدود، ولكن هناك من لديه الطاقة، القوة، المهارة، هؤلاء يريدون أن يعملوا لساعات طويلة حتى وإن تلقوا المساعدات الحكومية، وهذا من أبسط حقوقهم.. جد لهم وظائف مساندة، ودعهم يبتسمون.. دعهم يبتسمون حبًا في الله.