سلطان المهوس
البعض يتساهل كثيرا بأهمية الحديث عن تاريخ كرة القدم السعودية بما فيها من مواقف وحكايات يتفوه بها أبطالها ولا يدرك أن الحديث يعتبر وثيقة تاريخية للأجيال القادمة التي لن تقارع الحجة إلا بالحجة على مستوى التاريخ ..!
عندما تحدث جاسم الياقوت تلفزيونيا عن حكاية انتقال المهاجم ياسر القحطاني إلى نادي الهلال وما شابها من تحديات مع نادي الاتحاد كان يكتب وثيقة تاريخية مصورة بصفته رئيس نادي القادسية انذاك (2005م) وبالرغم من كونه اعلاميا يعمل مديرا للاعلام الخارجي بوزارة الثقافة والإعلام إلا أنه «فشل» تماما في منهجية الحديث التاريخي التفصيلي الدقيق ليشغل نفسه لاحقا بالتعديل عبر التلفاز والصحف وكنت أول أعلامي يسنتطقه عبر «الجزيرة» عن التعديلات في حديثه الغير معقول بعد أن «مرر» دورا للأمير سلطان بن فهد- رئيس اتحاد الكرة آنذاك- في الصفقة دون إداراك منه بوجوب توصيف ذلك الدور بدقة وتوقيته لذلك وقع بالمحظور التاريخي الذي عدله لاحقا ويشكر على ذلك كثيرا ..
الذين لايستطيعون العودة بكل أحاسيسهم لعام «2005م» لن يتمكنوا من لملمة تفاصيل المشهد بكاملة وللتاريخ فإن المفاوضات مع «القحطاني» كانت حديث المجتمع تماما وملأت كل ساحات الصحف والتلفزيون والمجالس لوقت طويل .!!
الشيء الذي لم يذكره «الياقوت» ولم يتجرأ أحد على ذكره وأكتبه هنا للتاريخ بأن شدة المفاوضات بين الهلال والاتحاد آنذاك لضم القحطاني كانت بنفس التوقيت الذي دخل فيه الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله للمستشفى قبل وفاته بوقت قصير- غفر الله له- ولم يكن من اللائق أن تطول قضية مثيرة بهذا الشكل وتأخذ ابعادا متواصلة كل يوم بالصحافة والتلفزيون فيما ملك البلاد وقائده وحبيبها داخل المستشفى ونجله «سلطان» هو المسؤول الأول عن الرياضة والشباب فكان من الطبيعي جدا أن يتم إشعار نادي القادسية بإنهاء الأمر للنادي الذي يرغبه اللاعب- سواء الهلال أو الاتحاد- كون النظام يفرض موافقة اللاعب على العرض المقدم للنادي أو إبقاء ياسر القحطاني بالنادي إضافة إلى أن المنتخب الوطني تنتظره مشاركة هامة بكأس العالم «2006م» والقحطاني أحد أهم لاعبي الأخضر الأساسيين الذين يجب أن يتهيأوا بشكل هادئ ومستقر للنهائيات ( وقع القحطاني للهلال بعد وفاة الملك فهد بخمسة أيام) وهو نفس الأمر الذي حدث مع النجم محمد نور بعد أن اشتكى» يوليو 2006م» من أن إدارة الاتحاد قامت بتزوير مدة عقده الاحترافي ليمتد إلى خمس سنوات بدلا من سنتين وقد تم احتواء الشكوى من قبل إدارة المنتخب حتى نهاية «مونديال ألمانيا 2006م» ..!
مثل تلك المعلومات لايمكن أن تقال في حينها لدواعٍ كثيرة لكن وإن طواها الزمن وأثيرت بشكل خاطئ فيجب أن تكون حاضرة لتنصف التاريخ ولتكن سلسلة الرواية مكتملة توقيتا وأحداثا بشكل لايقبل الشك ومن يعد بالذاكرة سيجد أن موقف الأمير «سلطان» كان واضحا وجليا بل وملهما .
كان «سلطان بن فهد» لمن يعرفه عن قرب عادلا وحكيما لأبعد درجة ومن القياديين النادرين ممن يتخذون القرارات بعناية وهدوء - اختلفت معه قليلا واتفقنا كثيرا - لذلك لم يكن غريبا أن تطلق عليه الصحافة والجماهير لقب «وجه السعد» لارتباطه اسمه بالمنجزات الرياضية -منتخبات وأندية- وما يؤلم أن من عايش سموه من الإعلاميين وعرفوه عن قرب كانوا أول من ركب موجة «الياقوت» الأولى والبعض ارتكب جريمة «الصمت» كي يهرب بعيدا «الحق» وكلا الطرفين ارتكبا جناية «تاريخية» لاتليق بمن يحمل اسم «إعلامي» ..!!
رحم الله الملك فهد واسكنه فسيح جناته وأطال الله بعمر نجله «سلطان» الذي حرص بأدب واحترام على التدخل الإيجابي في الوقت المناسب دون وصاية على أحد ويجب أن يعرف الجميع توقيت ذلك التدخل جيدا ويربطوا التفاصيل ببعضها حتى وإن لم يذكرها -الياقوت- بصراحة فالتاريخ أمانة عظيمة إما أن تكتب بصدق أو يتم حرق عبثها ..!
قبل الطبع
«الشجاعة أهم الصفات الإنسانية لأنها الصفة التي تضمن باقي الصفات»
أرسطو.