د.ثريا العريض
كل يوم نقرأ ونسمع في وسائل الإعلام المتعددة خبراً ما عن كارثة طبيعية في بلد ما قريب أو بعيد، كزلازل اليابان، وإيران، والجزائر، وإيطاليا، وفيضانات الفليبين، والهند، وأوروبا، وتسونامي سواحل المحيط الهادي والأطلسي. والكتب والروايات والأفلام سجلت الأحداث التي مرت بها البشرية في شتى أصقاع الأرض من معاناة بأسباب تقلبات مناخ الطبيعة أو غموض الرؤية العامة لما يمكن أن يفعله القوي بالضعيف.
كما ذكرت سابقاً؛ الحمد لله لسنا في دول الخليج مهددين بأخطار كارثية في موقع جغرافي متقلقل الأوضاع والأجواء والمواسم، ولو أننا مطلعون منذ الطفولة عن تفاصيل الكوارث الإنسانية التاريخية بسبب مفاجآت الطبيعة وآثار الحروب والنزاعات. وكتبنا الدينية مليئة بتفاصيل الكوارث التي حلّت بالشعوب وعزي معظمها إلى آثام البشر وخروجهم عن الفطرة السليمة. حمانا الله من كل شر. وقد ركزت التعليمات الدينية في كل الأديان على قيم مد يد العون للغير ومساعدة المتألمين والمعانين ووضحت أن لهم عند الخالق وزنا كبير في استحقاق الثواب سواء كان ذلك الثواب والجزاء طيب سيأتي بصورة كارما إيجابية، أو جنات تجري من تحتها الأنهار يستحقها المؤمنون الطيبون فاعلو الخير.
ما نعايشه اليوم من كوارث إنسانية نتيجة الصراعات والحروب في العالم تفوق في غرائبيتها ما شاهدته في الأفلام، أو قرأته في الكتب والروايات. ملايين المهاجرين يفرون إلى عذاب نفسي وجسدي من كوارث تحدث في أوطانهم بفعل الطبيعة أو تخطيط فاعل بشري مقيت.
في الطفولة كنا نجمع التبرعات المالية والعينية في مبادرات من المدارس تحت إشراف حكومي لنساعد المحتاجين بعد كوارث مزقت أمن حياتهم لم يكن لهم يد في حدوثها من زلازل إيران إلى شمال أفريقيا. وما زلنا نفعل مساعدة لضحايا زلازل الحروب.
كل مرة تعلن منظمات الأمم المتحدة المعنية عن حاجة ملايين المتضررين إلى المساعدات الإنسانية العاجلة في مناطق ألحق بها دمار واسع النطاق، وأن مئات الآلاف من الأشخاص ممن فروا أو أجلوا من مدنهم يقضون ليلهم في العراء تحت الأمطار الغزيرة أو حتى الثلوج، مشيرةً إلى نقص إمدادات الماء والطعام وصعوبة الوصول إلى الصرف الصحي ممّا يجعل الأطفال عرضة للأمراض المنقولة عن طريق المياه الملوثة خاصة الأطفال الذين انفصلوا عن أسرهم.
الحمد لله أن نجد في عامة أبناء مجتمعنا الطيب وقيادتنا الرسمية الحكيمة رغبة صادقة وفعلاً ملموساً في مد يد العون لتخفيف معاناة إخوان لنا في الإنسانية سواء من الأشقاء المتكدسين في مخيمات اللاجئين أو منتثرين في العراء تحت قسوة الأجواء الطبيعية.
ومن الفعل الحضاري أن نرسخ هذا الاستعداد ليكون سمة مبنية في حياتنا.. فيكون جزءاً مهماً في التربية والتنشئة ومناهج التعليم في المدارس. فنعلم أبناءنا في الطفولة قيمة العمل التطوعي وإماطة الأذى عن دروب وتفاعلات المجتمع، لنرى شبابنا يقومون بذلك تلقائياً حين يكبرون ويمتلكون قدرة الاختيار لما يفعلون لرفع المعاناة عن الآخر، ويميطون الأذى عن تقاطعات حياتنا في مجتمعاتنا سواء جاء ذلك الأذى بفعل الطبيعة أو بفعل انحراف في رؤية وتصرفات الآخرين.
سيرضي الله أن يرانا نعلم أبناءنا معنى التعاطف واحترام حق الآخرين.. {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (7) سورة الزلزلة.