يوسف المحيميد
قد يستغرب أحدنا حين يجد الفوارق الكبيرة بين الأدوات والخدمات والعمالة المتوافرة في أسواقنا مقارنة بأسواق الدول المجاورة؛ إذ يمكن أن نجد سلعًا رديئة، وخدمات أكثر رداءة، وحتمًا عمالة غير مؤهلة، وغير ماهرة؛ بسبب عدم الرقابة على السوق، وتفشي العمالة السائبة في الشوارع؛ إذ يمكن أن يتم استقدام بمهنة عامل أو مزارع، ويتحول مع حاجة السوق إلى مبلط أو دهّان، دون حسيب ولا رقيب!
قد يستغرب أكثرنا حينما يتم الإعلان في الصحافة أو حساب وزارة التجارة عن التحذير من سلع مقلدة، أو غير مطابقة للمواصفات والمقاييس؛ فكيف تم دخول هذه السلع من منافذ الحدود؟ كيف مرت من الجمارك؟ كيف مرت من مكاتب التجارة والغذاء والأدوية؟ وكيف لا تتم مصادرتها من الأسواق فورًا؟
صحيح أن قضايا الغش التجاري منتشرة في بلادنا انتشار النار في الهشيم، ومعظم الجهات المسؤولة تعاني نقص الأعداد والكفاءات البشرية لضبط السوق وحماية المستهلك، وصحيح أن حماية السوق من دخول السلع المقلدة وغير المطابقة للمواصفات والمقاييس أكثر إمكانية من حماية السوق من العمالة غير المدربة؛ فالتحقق من تخصص العامل ومهارته أمرٌ صعب، وكثير من الجهات تتغاضى عنه بحجج واهية وغير منطقية، يأتي على رأسها البعد الإنساني، وأنه عامل جاء من آخر الدنيا بحثًا عن الرزق.. هذا صحيح، لكنه ليس مجالاً للتلاعب بعواطفنا على حساب صحتنا وسلامتنا ونجاحنا في كثير من المجالات!
فبالرغم من كون السوق في المملكة ضخم جدًّا، والقدرة الشرائية فيه عالية، ولا تقارن الأسواق الخليجية به، من حيث حجم الطلب فيه على مختلف السلع والخدمات، إلا أن هؤلاء المستهلكين يلجؤون إلى الأسواق المجاورة للشراء؛ لأسباب من بينها ضمان الجودة في السلع المستورة في دول الخليج، أو السعر المقبول قياسًا بفوضى التسعير لدينا؛ فكثير من المتعهدين والمقاولين في مجالات البناء يستوردون موادهم من الدول المجاورة، وكثير من المواطنين يبحثون عن العمالة المتميزة والمدربة، سواء عمالة منزلية أو عمالة شركات ومؤسسات، في دول الخليج؛ فهي التي تراقب مهارة العامل جيدًا، وتتأكد من استيفائه الشروط!
متى نصل إلى ضمانات أكيدة وعالية الدقة على السلع والخدمات المتوافرة في بلادنا؟ متى نخلع عن ظهورنا حالات الشك والقلق تجاه كثير من هذه السلع والخدمات؟