مجتمعنا السعودي ولله الحمد مجتمع تكافل وتضامن ننعم بالأمن والأمان في ظل حكومة رشيدة تعمل كل ما بوسعها على تحقيق العدالة ونشر الفضيلة وبث روح الأمن والأمان بين أبنائها بشكلٍ لا يتوفر في غيرها من الدول -وإن حصل نقص أو تقصير في بعض الأمور- فلا كمال إلا لله سبحانه فهو الكامل.
لكن في الآونة الأخيرة أصبحنا نسمع الكثير من الجرائم التي لا نغفر لأصحابها وإن اغتسلوا بماء البحر سبعاً.
هل هانت الأرواح بهذا الشكل بين أبناء الأسرة الواحدة؟ هل افتقدت الدماء حرمتها حتى يستهان بها، وعلى هذا المستوى من البشاعة؟
أصبح أفراد الأسرة يتقاتلون ما تهدأ مسامعنا وقلوبنا عن خبر مفجع إلا ويعقبه ما هو أفجع!!
قُتلت الأمهات والآباء بيد أبنائها، وقُتل الإخوان والأخوات والأعمام وو وبيد من كانوا بينهم وعاشوا معهم، ووصل القتل للأطفال أهو انتقاماً واستشفاءاً أم ماذا..؟
كنا نعاني من جرائم الخدم ونقول ربما تختلف الثقافات والعادات ومستوى فهم الدين والتربية، لكن ما عذرنا والقتلة من بيننا ومن جلدتنا؟ ومن تَنعَموا معنا بين أحضان الأسرة الواحدة؟ ومن يجمعه دم أو قرابة أياً كان مستواها.!
أتساءل هل يوجد سبب مقنع لهذه الجرائم البشعة؟ عندما يُقدِم الجاني على فعلته أتساءل في أي حالة يعيشها حتى تنتزع من قلبه الرحمة ويفعل فعلته بهذه البشاعة؟
لم تكن جرائم القتل جديدة ولن تكون ما دام الصراع بين الخير والشر قائما إلى قيام الساعة، لكن الجديد عندما تكون بين أبناء الدم الواحد وبين أبناء من يوحدون الله جلَّ جلاله ويعرفون حدوده، مما يجعلنا نستنكر هذه الأفعال الشنعاء التي يعامل فيها الإنسان بكل ما كرّمه الله كالبهيمة ويقدم كما تقدم بغير حولٍ منه ولا قوة.
جريمة كهذه أي نوع من العقاب يكفينا فيهم حتى نستعيد أولاً هذه الكرامة الإنسانية التي استُبيحت! فضلاً عن حقنا في دمه كما بينها لنا الشرع الإسلامي.
أليس أول ما يتبادر إلى الذهن أن هؤلاء ليسوا في حالة طبيعية لبشاعة ما أقدموا عليه؟
لِمَ نصف صاحب هذا العمل أنه يعاني من خلل نفسي أو تحت تأثير مخدر أو أو... إلخ -وهذه أغلب نظرة لدى المجتمع حين تصلهم مثل هذه الأخبار- أمن أجل أن يسقط الحكم عنهم؟ أم من أجل أن يحصلوا على التخفيف؟ أم ماذا بالله عليكم؟؟
سئمنا هذه البشاعات التي امتدت إلى الأطفال وبيد أبناء مجتمعنا وسئمنا هذا الحال الذي لا يوجد ما يردع هؤلاء الفئة أقل ما أسميهم (بالمسعورة) عن نهشهم في دماء المسلمين بغير حول منهم ولا قوة.
الحكم الشرعي في حق المجرم واضح وتكون المعاملة بالمثل ويذوق هذا الجاني جزاء فعلته تطبيقاً لشرعه تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيْهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ (بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوْحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُوْنَ} سورة المائدة 45.
وأول ما يقضى به الله بين الناس يوم القيامة هو (الدماء) لحديث ابن مسعود رضي الله عنه: عنه صلى الله عليه وسلم (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة الدماء).
وعن عمر رضي الله عنه يقول: قال صلى الله عليه وسلم (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً).
إننا اليوم أمام قضية لا يستهان بها حين تُنحر الأمهات ومن هن أحد أبواب الجنة بيد أبنائها وحين يغدر الابن بأبيه ومن أمره الله ببره، وحين يخون القريب قريبه، وحين تستباح الطفولة البريئة.. ويُقدَمون كما تقدم النعِاج ولسان حالهم يقول: {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} سورة الإنفطار9.
المواقف أكبر وأوجع من حروف الدنيا بأكملها، وليس مجرد كلمات هي من تجعل ثورتنا تهدأ وقلوبنا تشفى، لكننا نطالب بالعقوبات الرادعة على أكمل وجه لمن يُقدِم على هذه الجرائم والتنكيل بهم وردع من تسول له نفسه الإقدام على هذه الجرائم -وكلنا ثقة في تطبيق حكومتنا للشرع- حتى لا تضيع دماء المسلمين وتهون حرمتها على يد هؤلاء الفئة التي لم تعرف شيئاً عن ربها ولاعن رحمته وعقابه، الأمر الذي جعلها لا تشعر بما تفعل من أجل دنيا ومن عليها زائل ولن يبقى إلا وجهه سبحانه ذو الجلال والإكرام.