فوزية الجار الله
ليس كل ما يعرض على السناب شات سيئاً وفارغاً تماماً وليس كل أولئك العاشقين له والمتعاملين معه فارغون هامشيون، أقصد أصحاب الحسابات الذين يعرضون ما لديهم بشكل شبه يومي، تشدني حسابات أولئك الذين يحترمون متابعيهم ويقدمون لهم مضموناً جيداً إما معلومة ثقافية أو خبراً جميلاً، تعرّفت منذ بضعة أشهر على إحدى السيدات الخليجيات المميزات بخفة الروح، التعارف هنا هو تعارف مجازي، فهي معرفة من طرف واحد، من قِبلي، فلازلت أستمتع بالسناب شات بالمتابعة فقط دون مشاركة فعلية، أعود إلى حديثي حول صاحبة السناب، تلك السيدة قد لا تكون عالية الثقافة لكن ميزتها الأولى صدقها وعفويتها وبساطتها فهي تتحدث بتلقائية عن عيوبها وعثراتها قبل محاسنها، لديها طفل صغير في السابعة من عمره يتيم الأب، تحاول تربيته قدر الإمكان ليكون من أفضل الأطفال خلقاً وتهذيباً قد تخطئ أحياناً لكنها تعتبر امرأة جيدة مثابرة قياساً لظروفها .. في معرض حديثها معه ذات مساء سألها عن أبيه، فيما يبدو كان يعاني مللاً في تلك اللحظة، أجابته بأنّ أباه متوفى وأيضاً والدها هي سبق أن فقدته وأنهما سيتاح لهما رؤية المتوفين يوم القيامة، قال الطفل بمنتهى البراءة: أريد أن أموت الآن كي أرى أبي . كم كانت عبارته مؤثرة رغم براءتها !
* * * * *
** تناهى إلى سمعي منذ فترة أنّ أحد الشخصيات العامة، الذي اشتهر بكتاباته الصحفية وببعض الأعمال الخيرية مما نعرف وما لا نعرف، قد أصيب ببوادر مرض الزهايمر، أحزنني هذا الخبر كثيراً، مثلما آلمني مؤخراً فقد بعض الشخصيات في الوسط الثقافي منهم الكاتب والقاص صالح الأشقر والشاعر مساعد الرشيدي - رحمهم الله جميعاً -، من ذكرت ومن لم آت على ذكر اسمه هنا، وفي هذا السياق تذكرت منذ سنوات قبل وفاة غازي القصيبي بعام أو ربما أكثر، قرأت مقالاً لأحدهم يتحدث فيه عنه ويتساءل عن غيابه، في ذلك الحين كان الأديب السعودي عبد الله الجفري قد انتقل إلى رحمته تعالى، ولأنني أرى في القصيبي شخصية رائعة ونموذجاً يحتذى في الكثير من نجاحاته، فقد نمت وسؤال الكاتب حول غيابه يدور في مخيلتي، ليلتها رأيت في المنام أنّ القصيبي يجلس في بيت الجفري، حالما أصبحت، استعدت الرؤيا وقد أصابني شيء من قلق ووجل، أتكون رؤياي حقاً؟.. الموت حق ونهاية لابد منها فاللهم كن عوناً لنا كي نغرس شجرة أو نحيي سنبلة، أو نفتح أبواباً أو نضيء شمعة أو أكثر قدر ما نستطيع، قبل أن يأتي ذلك اليوم الذي لا مفر منه إلاّ إليه، اللهم ارحمنا برحمتك.
* * * * *
** (كان العالم محتملاً حتى اخترع «نوبل» البارود، وكان العالم هادئاً حتى اكتشف «كولومبوس» أمريكا)
- جلال عامر -