د. محمد عبدالله الخازم
أواصل موضوع التعامل مع مشاكل المراهقين القانونية، وما بدأته بالكتابة عن برنامج التحويل المجتمعي الشبابي الكندي. البرنامج مجتمعي ودور الجهات المعنية تنسيقي في أغلب الأحيان، حيث تقيّم وضع الطالب قبل تحديد برنامجه، ثم بعد ذلك يحال إلى مؤسسات مجتمع مدني للقيام بمهام تطوعية أو لجهات توظيفية لمساعدته في الحصول على وظيفة مؤقتة، كما أنه يراعي الهوايات والميول، حيث يمكن الطلب من الشاب القيام ببحث عن موضوع يميل إليه أو يوجه للعمل بمجال ضمن هواياته... إلخ.
قبل الوصول لذلك البرنامج، تعمل الجهات الأمنية بشكل وثيق مع المدارس، وهناك ضباط لديهم الخلفية في هذا الجانب، ضباط يعملون مع مجتمع صغار السن والمراهقين بشكل مكثف، فما أن تحدث واقعة عنف في المدرسة أو المنزل حتى يبلغ الأمن وتشكل لجنة مع المدرسة يحضرها رجل الأمن لمناقشة الطالب وولي أمره شارحا فرصه وعواقب عمله. وفق طبيعة الحدث يقرر الضابط إن كان الأمر يستحق تحويل الطالب إلى مركز التحويل المجتمعي - المقصود في التحول أو التحويل هو تحويل قضيته من قضية جنائية أمنية إلى قضية إصلاح وتعديل سلوك. لا أدري هل يوجد في نظامنا الأمني متخصصون في قضايا المراهقين ولديهم آليات تعاون مع المدارس أم لا؟ وهل هناك ورش عمل ولقاءات مشتركة بين رجال الأمن والتربويين على مستوى المناطق التعليمية والمدارس، أم لا؟
المركز الثاني الذي أتيح لي زيارته ليس ذا طبيعة أمنية ولكن تركيزه على الجوانب السلوكية والنفسية والاجتماعية؛ يقوم بأدوار إرشادية وزيارات للمنزل وحجز أو استضافة الطالب عدة أيام في حال احتاج الأمر. مثال؛ الطالب الذي يشعر باكتئاب ويغيب عن المدرسة ويظهر سلوكيات عدوانية أو عنف داخل المنزل أو سلوكيات تهدد سلامته وسلامة من حوله، يقوم متخصصون من المركز في الجوانب الاجتماعية والنفسية والسلوكية بزيارات منزلية لمساعدته وأسرته في تجاوز صعوبات التعامل التي يعانونها وإقناع الطالب بالعودة للمدرسة ومراجعة الجهات الصحية ... إلخ. وفي حال لم يستجب الطالب أو تجاوز إلى العنف أو التهديد بإحداث أضرار بالنفس أو الغير فإنه يتم إحضاره للمركز، بموافقته أو بالتعاون مع البوليس، واستضافته أياما لمحاولة تعديل سلوكه؛ كأن يمنع عنه التلفزيون والتلفون عدة أيام ويتم الجلوس معه لمساعدته في التعرف على ذاته وصعوباته والتخلص من العادات غير السوية كعدم النوم وإدمان الإنترنت.. إلخ.
في التعليم الكندي، هناك اهتمام كبير بالمتعثرين دراسياً ومن لديهم سلوكيات تخالف القوانين وقيم المجتمع وبحاجة للتصحيح. توجد خيارات وبرامج تعليمية متعددة، كتلك المخصصة لذوي الصعوبات التعليمية أو النفسية، تساندها شبكة برامج ومراكز حكومية وغير ربحية وخاصة تساند العملية التعليمية، مثال تلك التي أشرت إليها.
ختاماً لا بد أن نعترف؛ المدرسة وفي ظل الحياة المدنية الحديثة لا تستطيع بمفردها معالجة السلوكيات غير السوية للطلاب. هناك حاجة لإيجاد مراكز وبرامج مساندة لها بالتعاون مع الجهات الأمنية والصحية والمجتمعية.