إن أهمية ورعاية حقوق الطفل واحتوائه وتنشئته النشأة السليمة وفقاً للمعايير الإسلامية والقواعد الإنسانية هي إحدى أولويات المملكة العربية السعودية، فتهيئة البيئة المناسبة للطفل ووقايته من سبل الاستغلال بأنواعها وبالأخص ما برز في الفترة الأخيرة كأحد أشد صور الاستغلال خطورة وهو الشكل الإلكتروني للاستغلال الجنسي للأطفال، كان ذلك وما زال محل اهتمام من قبل المسؤولين والمختصين في المملكة العربية السعودية.
وحرصاً على مواكبة الحدث ومعالجة هذه الظاهرة الخطيرة فقد أقيم في الرياض خلال الفترة بين 15-16-17 من شهر صفر لعام 1438هـ (الملتقى الوطني للوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت) برعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز -حفظه الله- ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والذي نُظّم من قبل الأمن العام بالتعاون مع عدد من قطاعات وزارة الداخلية والجهات الحكومية والجمعيات الوطنية، وقد جاء هذا الملتقى ناجحاً ومثمراً حيث كان محل اهتمام ورؤية مستقبلية من قبل الدول الخمس عشرة المشاركة بجهاتها ومنظماتها المتنوعة لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي عبر القيم والمفاهيم وتبادل سبل التصدي والوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال، حيث استعرضت التجارب الوقائية في معالجة مشكلة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت وحمايتهم من الإيذاء من قبل نخبة منظمات مجتمعية، وهيئات دولية، وجمعيات وطنية وإقليمية مختصة شملت عدة دول.
وخرج الملتقى بتوصيات ملهمة كإنشاء مركز للسلامة الإلكترونية، يتولى التوعية والوقاية من مخاطر هذا الاستغلال حيث وجد الجهد الملموس من وراء هذا الملتقى بعد النشاط المبذول من سمو الأمير محمد بن نايف -حفظه الله- وذلك حرصاً على استهداف مجتمع الطفل وإحاطته بالبيئة السليمة للنهوض بجيل مستقبل مثمر ونافع لأمته ووطنه.
ولأهمية الحفاظ على طفولة سليمة خالية من المشاكل وبناء وإعداد جيل معافى واستشعاراً من المسؤولين في المملكة العربية السعودية بأهمية القضية وضرورة المواكبة فقد رعت المملكة هذا الجانب وأسهمت فيه إسهامات عدة بمصادقتها على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات ذات العلاقة، ولكونها عضواً فعالاً في المنظمات الدولية التي تعنى بحماية الطفل وتقيم العديد من المؤتمرات واللقاءات والندوات والمحاضرات التي توسع فيها ثقافة حماية الطفل والعناية به، إضافة إلى الجهد الملموس بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مواجهة هذه الجريمة والتصدي لها على أوجه عدة كالاهتمام بالنواحي التشريعية وسن وتطوير الأنظمة المتعلقة، وإنزال العقوبات الرادعة على جميع أشكال الاستغلال الجنسي للأطفال والاهتمام بهذا الجانب في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي تضمن عقوبات رادعة لكل من يستخدم وسائل التقنية للابتزاز والعدوان، ولهذا فإن جهات الضبط في الأمن العام تولي هذا الموضوع الاهتمام وسخرت له الإمكانات المتاحة لجمع الأدلة عن المشتبه بهم وإحالتهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال الجوانب التي تثبت إدانتهم ومن ثم إحالتهم إلى القضاء الشرعي الذي ينزل بحقهم العقوبات.
وبناء على الجهود السالفة الذكر والرعاية العظيمة من المملكة في هذا الشأن، ورداً على البيانات المتناقلة والمنتشرة بين أصحاب الرأي العام بشأن الإحصائيات ضد أبناء المملكة على هذا النوع من الجرائم وهي إحصائيات مبالغ فيها وغير مبنية على أسس ومصادر صريحة وموثوقة واستبيانات واقعية ملموسة، وهو ما يتعارض مع الواقع حيث إن جهد المملكة في التصدي لهذا النوع من الاستغلال بكافة الطرق وأحدث الوسائل أدى إلى الحد من هذه الجرائم وآثارها وتقليص نسبها بشكل كبير، فمن شأن إيجاد مركز إحصائي للاستبيان والنزول للواقع العام وإعداد إحصائيات رقمية موثقة ومرجعية تكون أكثر شفافية وحيادية يرجع لها كموثق لعرض النماذج الواقعية في هذا الإطار وتحفز العمل وتصب الجهد الأسري والرقابي لحماية المجتمع من مخاطر وآثار هذه الجرائم، إضافة إلى كون وجود هذا المركز الإحصائي محل إسهام ومعاونة في الأعمال المستقبلية لمركز السلامة لإثبات الغايات السامية والصورة الحسنة لجيل هذا الوطن الخير.