لقد فجعت الرياض العاصمة الحبيبة بحادثة مؤلمة تجسَّدت فيها كل مشاعر الحزن والألم، حيث لم يقتصر الحزن على أصحاب الحادثة، بل شملت جميع المواطنين في هذا البلد الآمن، حيث كانت المشاعر أليمة هزت القلوب كيف لأبناء هذا البلد بمن تربوا على أرضها وعاشوا من خيرات هذا البلد، عجز عقلي أن يصدق ذلك ولكن ماذا أقول؟ لا شك بأن سلامة النظر الذهني والتدبر العقلي للوصول إلى النتائج الصحيحة بلا غلو ولا تفريط مطلب أساسي في هذه الحياة وكذلك الأمن والعيش بطمأنينة ورخاء دون خوف في ظل التمسك بتعاليم الإسلام مطلب حيوي لا يستغني عنه إنسان ولا ذو روح من الكائنات، ولأهمية الأمن دعا به إبراهيم عليه السلام لمكة أفضل البقاع:
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ أمنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} (إبراهيم: 35). ولما للأمن من أثر في الحياة تعيّن على الأمة برمتها أن تتضامن في حراسته.
وهو مطلب الشعوب كافة بلا استثناء، ويشتد الأمر خاصة في المجتمعات المسلمة، التي إذا آمنت أمنت، وإذا أمنت نمت؛ فانبثق عنها أمن وإيمان، إِذ لا أمن بلا إيمان، ولا نماء بلا ضمانات واقعية ضد ما يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية، وخصوصًا في ظل التحديات والأفكار التي نسمعها ونشاهدها، حيث يعد الفكر البشري ركيزة مهمة وأساسية في حياة الشعوب على مر العصور ومقياسًا لتقدم الأمم وحضارتها، والأمن الفكري يحتل مكانة مهمة وعظيمة، وهو من أولويات المجتمع الذي تتكاتف وتتآزر جهود أجهزته الحكومية والمجتمعية لتحقيق مفهوم الأمن الفكري تجنبًا لتشتت الشعور الوطني أو تغلغل التيارات الفكرية المنحرفة، وبذلك تكون الحاجة إلى تحقيق الأمن الفكري هي حاجة ماسة لتحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي. لذلك لا بد من العناية بالنشء وتربيتهم تربية صحيحة وسليمة، لا شك أن اهتمام دولتنا الحبيبة بالأسرة، كونها أساسًا لوحدة المجتمع شيء جميل، والأجمل من ذلك تحلي الأسرة بالوحدة والاستقرار، حيث يكون أثر ذلك قويًا وواضحًا وأساسيًا لرفعة المجتمع السعودي، ولا يخفى على الجميع ما للأسرة من دور كبير في جودة التربية والتعليم، ولا أحد ينكر دور الأسرة القوي في بناء شخصية التلميذ وتهذيب أخلاقه، بل إنها المحصن الأول والمؤثر القوي على معتقداته وأفكاره التي تجول بخاطره. وقديمًا قال الشاعر العربي:
بأبه اقتدى عدي في الكرم
ومن يشابه أبه فما ظلم
لقد سعدنا بما فعله جنودنا لأن البسالة والإقدام والشجاعة هي ما يتميز به أغلب جنودنا البواسل، فهم يحاربون على الحد الجنوبي للحفاظ على حدود الوطن، كذلك رجال الأمن والمسؤولون عن حماية أمن وطننا تجدهم يقدمون أرواحهم فداء للوطن، وهذا الأمر هو ما عهدناه من رجال الأمن كافة. وهذا ما حدث في مواجهة الإرهابيين من قبل جنودنا وبذل نفوسهم من أجل الدفاع عن أمن وطنهم، نعم فخر يسجل لجنودنا ويتجدد فلله دركم يا جنود سلمان.
لقد احتفى المواطنون والمقيمون وحتى الخليجيون بالإنجاز الذي قدمه البطل جبران عواجي ورفاقه، مؤكدين بذلك التفافهم حول رجال الأمن وما يقدمونه من عطاء من أجل حفظ الأمن والأمان ودحر الإرهاب. ويُعد هذا مؤشرًا للعزم على قتل الإرهاب والتطرف، ولا يخفى على الجميع ما يفعله رجل الأمن الأول في مملكتنا سمو الأمير محمد بن نايف نجل نايف ابن عبدالعزيز الذي بحنكته وعقليته وحرصه على الأمن في البلاد جعل الجميع ينعم بعد الله بالأمن والراحة محمد بن نايف، الذي ورث عن أبيه الحكمة وحسن التصرف والتضحية من أجل الوطن والمواطن، فطبيعي أن يضحي رجل الأمن بحياته، فهو يأخذ القدوة من محمد بن نايف. هكذا تكون المواطنة الحقة والتضحية من أجل الوطن، نعم الوطن هو القلب والنبض والشِريان والعيون نحن فداه. نعم الوطن قبلة عَلَى جَبِينِ الأرض. وطني ذلك الحب الذي لا يتوقف وذلك العطاء الذي لا ينضب.
في ختام مقالي أدعو الله أن يحفظ بلادنا وأمننا من كل مكروها وأكرر دائمًا (دمت يا وطني شامخًا).