ماجدة السويِّح
عودة الأسر المغتربة للدراسة إلى أرض الوطن أنتج ظاهرة جديدة على المجتمع السعودي تعرف باسم أطفال الثقافة الثالثة، نسبة للثقافة الجديدة التي نتجت من امتزاج الثقافة المحلية بثقافة البلد المستضيف لتنتج ثقافة ثالثة جديدة لأطفال المغتربين.
ويتميز أطفال الثقافة الثالثة بحسب الدراسات والأبحاث بعدد من الخصائص التي تميزهم عن غيرهم من الأطفال خصوصاً في مجال الاتصال، حيث لوحظ أن غالبية الأطفال ذوي خصائص منفردة في عملية الاتصال من خلال الاهتمامات الخارجية بالعالم، والانفتاح والاستمتاع بالتنوع في تكوين العلاقات والخبرات.
وخير مثال لأطفال الثقافة الثالثة الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما وكيف انعكست تلك الخصائص والميزات في الانفتاح على المهاجرين والأقليات في تبني قضاياهم والعمل على تحسين الخدمات وظروف المعيشة، ففي عهده نال المهاجرين وأبناؤهم المزيد من الاهتمام لاحتياجاتهم وحقوقهم.
أطفال الثقافة الثالثة منسيون في ظل الاهتمام الأساسي بالمبعث وإغفال المرافقين من أطفال ولدوا هناك أو ترعرعوا في بلد البعثة، فمن أبرز التحديات التي تواجه المبتعث وأطفاله بعد العودة لأرض الوطن الصدمة الثقافية العكسية، فبعد سنوات من الإقامة في بلد الابتعاث يجد المبتعث نفسه في مواجهة عدد من التحديات لاستيعاب عملية التغيير، ومساعدة أطفاله في التكيف مع البيئة الجديدة، ويضاعف الاغتراب اللغوي والثقافي من صعوبة تكيف الأطفال، والاندماج السريع، والتواصل الإيجابي بين أطفال الثقافة الثالثة والمجتمع.
في الواقع أن التكيف ومقاومة الصدمة الثقافية العكسية هي من مسؤوليات الأهالي، الذين يعدون العدة قبل العودة للوطن، من خلال الجهود الشخصية في التواصل مع ممن سبقهم من المبتعثين في العودة، والاستفادة من تجاربهم التي قد يشوبها بعض القصور في التوصل للطرق السليمة والفعالة في تكيف وإدماج أبنائهم في الثقافة المحلية، نظراً لعدم وجود برامج مساندة، أو مجموعات للدعم تساهم في الاحتواء والمعالجة لتهيئة أطفال المبتعثين للبيئة الجديدة.
المبادرة لتشكيل وحدة لمساندة أطفال الثقافة الثالثة من أبناء المبتعثين في الوزارة والجامعات سيوحد الجهود، ويساهم في تقديم ما من شأنه معالجة آثار الصدمة الثقافية العكسية. من مهام تلك الوحدة أن تقدم المساندة للأسر والأطفال، وتيسر لهم السبل للتكيف والتأقلم في محيطهم الجديد، أسوة بالمبتعث الذي يلقى الدعم من خلال برامج التهيئة التي تعقد لهم قبل مغادرة الوطن.
التعزيز والمساندة الرسمية لأطفال الثقافة الثالثة ضرورة ملحة في ظل تضاعف عدد الأطفال من خلال توفير برامج مساندة لتعلم اللغة العربية، لمن لا يتقنها من الأطفال، أو من يحتاج إلى تقوية في قواعدها.
والمساهمة بتقديم عروض مخفضة، أو قسائم مدفوعة للأسر، تتحمل بموجبها وزارة التعليم جزء من الرسوم الدراسية، لمعالجة غلاء الرسوم الدراسية في المدارس العالمية خصوصاً لمن لا يتحدث العربية من أبناء المبتعثين.
تقديم مواعيد مرنة لطلاب وطالبات المرحلة الثانوية لتأدية اختبار القدرات من خلال مراكز معتمدة في السفارات أو القنصليات، أو في أرض الوطن للالتحاق بالجامعات المحلية بعد انتهاء البعثة.
وحتى نستمتع بمقطوعة من الانتماء والانسجام، علينا المبادرة بإنشاء وحدة لدعم ومساندة أطفالنا المغتربين بعد العودة لأرض الوطن.