محمد آل الشيخ
يبدو أن العالم على مشارف دخول حقبة سياسية جديدة، باعتلاء الرئيس «ترمب» سدة الحكم في أقوى دولة على وجه الأرض الولايات المتحدة الأمريكية. بالنسبة لنا كخليجيين أراها فرصة سانحة لا يجود بها الزمان إلا لماماً، لاستثمار هذه الحقبة الجديدة، خاصة فيما يتعلق بإدارة صراعنا الوجودي مع العدو الفارسي البغيض بعقلانية وشيء من الميكافلية. إيران في عهد أوباما طغت وتورّمت وتجبرت، بعد أن أهداها العراق على طبق من ذهب، لتحتله، وتنتقل منه إلى بلاد الشام لتبسط نفوذها عليه، وفي اليمن لتشعل انقلابها على الشرعية، على مرأى ومسمع من إدارة الرئيس أوباما، ولم تتخذ هذه الإدارة المترددة الضعيفة أي إجراء من شأنه كبح جماح شهوة هذا الغول الفارسي المتوحش القادم من أوغال التاريخ الكهنوتي, وكأنَّ لسان حالها يقول: (لم آمر بها ولم تسؤني).
الرئيس ترامب منذ أن كان في مرحلة الترشيح، وقبل أن يفوز بالرئاسة، كان موقفه من إيران موقفاً ثابتاً، مؤداه أنه يراها دولة من رعاة الإرهاب، وأن تقليم أظافرها، وأظافر ميليشيتها في المنطقة من أهم الخطوات لاجتثاث الإرهاب. ومن يتابع لغة وخطاب المنابر الإعلامية الإيرانية بعد فوز ترامب سيلحظ خطاباً إعلامياً عدائياً وتحريضياً على الرئيس الأمريكي الجديد، وأنه عدو للإسلام وليس للإرهاب؛ ففي معايير دولة الملالي كل من يقف ضد توسعهم إما أنه ضد الإسلام، وإن كان مسلماً فهو تكفيري.
صحيح أن لغة الرئيس ترمب يكتنفها شيء من الحدة، والمباشرة غير المواربة، إلا أن هذا الأسلوب الحازم هو الذي ينفع مع الإيرانيين، خاصة وأنهم ما أن تنفسوا الصعداء بعد الاتفاقية النووية مع الدول الست العظمى، حتى أصبحوا يمارسون تصرفات عدائية عبثية في المنطقة، لا مصلحة لإيران الدولة، ولا للإيرانيين بها، بقدر علاقتها بنشر الأيديولوجيا الخمينية الصفوية الفارسية.
وفي تقديري أن تجاربنا مع دول المنطقة، وبالذات دول الشمال العربي، يحتم علينا أن نضع مصالحنا أولاً، ولا نلتفت إلى دعاة التضحية بها نصرة للعرب الآخرين وقضاياهم، وإن رغمت أنوف القومجية والمتأسلمين.
العدو الإيراني اتخذ من أغلب عرب الشمال، عدا الأردن، بغال امتطاها لتحقيق مآربه التوسعية. ونحن الخليجيون دفعنا الكثير والكثير لقضايا العرب والمسلمين، ولم نُقابل منهم إلا بالجحود والنكران، وابتزازنا بتحسين علاقاتهم مع إيران. فإلى متى ونحن نمارس دور حمال الأسية، ونتوشح بثياب التسامح والصفح والغفران؟
يجب أن نضع تجربتنا حينما غزا صدام الكويت أمام أعيننا؛ فلولا علاقاتنا مع الغرب، ومع أمريكا بالذات، لما استطعنا آنذاك طرد صدام من الكويت، وتحريرها من براثن الغزاة الأشقاء، الذين صفقوا للغازي حينما ادعى حينها أن تحرير فلسطين يمر بالكويت؛ ولا أعتقد أن ثمة تجربة أمامنا نحن الخليجيون مثل تلك التجربة المكتظة بالعبر.
إلى اللقاء