3 - أن يمتنع أساتذة الجامعات ومؤسسات التعليم عموماً عن إسماع الطلاب أي لفظ أجنبي إلا لضرورة قصوى، فإن الأستاذ قدوة الطلاب، فما رأوه يجله أجلّوه وما رأوه يمتهنه اعتقدوا أنه ليس جديراً بالاحترام، وإلا لاحترمهم الأستاذ وهو أعلم منهم وأعرف بما يليق وما لا يليق.
4 - أن يظهر الناس احترامها كل في موقعه، حتى الأب والأم في أسرتهما، يحدثون أبناءهم قبلاً أن هذا يوم لا مكان لغير العربية فيه، فهي لغتنا المعتمدة من فجره إلى فجر الغد، وأن أي فرد منا يستخدم كلمة غير عربية، فإن عليه أن يشعر بالعار لاقترافه هذه الإهانة في حق لغته؛ لغة كتاب ربه ولسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا بأس من عقاب رمزي، ليستشعر الجميع الجدية في الأمر. ومن لا يعرف كيف يستخدم العربية السليمة، فليستعن بغيره، مثل أولاده وأقاربه، فالأشرطة والمحاضرات المتاحة عبر الوسائط المتعددة متوافرة لكثير من الناس، ومن لم يستطع توفير شيء من ذلك، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
5 - أن يلاحظ ذلك الاهتمام غير العرب، كزملاء العمل، والسائقين، والخدم، وسائقي سيارات الأجرة، والبائعين وغيرهم، إذ يرون وكأن المجتمع أصيب بشيء ما، فهو اليوم مختلف، لا يكلمنا بلغتنا، ولا يقبل من لغاتنا ولكنتنا إلا ما لا نستطيع (بمعنى إذا كان الطرف الآخر لا يعرف من اللغة شيئاً، أو لم يفهم مطلقاً ما أقول، فليس من الأدب أن أتجاهله، بل ينبغي التواصل معه باحترام بالغ، مع إشعاره بسبب هذا التغير، فلعل ذلك يلفت نظره إلى تعلُّم لغة القوم الذين يعيش بينهم وتوقيرها).
6 - لا بأس أن يصاحب ذلك بعض المناشط الثقافية التي تدعم الجانب التطبيقي المشار إليه، لا أن تكون أساساً لما لا أساس له!
قبل الختام، أود أن يكون واضحاً أني لا أدعو إلى أن تتحدث بالفصحى في كل مكان، كالبيت والسوق ومع الزملاء في المنتزه... إلخ. فأنا أؤمن أن اللغة مستويات في كل أمة، وأنك قد تمتهنها إذا استخدمت مستوى لغوياً في غير سياقه، وقد تثير الآخرين ضدها، وأن هناك مستويين متباينين: عامي وفصيح: فالعامي نستخدمه في حياتنا العامة مع الوالدين والأسرة خصوصا إذا كان الوالدان غير متعلمين، وفي الأماكن العامة بشكل عام. والمستوى الآخر هو المستوى الراقي ويكون في الأماكن الراقية والمنابر السامية كالمساجد وأماكن العبادة عموماً، وفي أماكن التعليم كالمدارس والكليات والجامعات ومراكز التدريب، والمنابر الثقافية كالمنتديات الأدبية والعلمية واجتماعات العمل، وأمام الناس من ذوي الشأن في المجتمع كالتقديم أمام جموع الاحتفالات أو الزيارات الرسمية. فهي لغة راقية لمحافل راقية. والمستويات اللغوية الأخرى تكون بين هذين، وتكون مختلطة ترقى إلى الفصيح تارة وتنحدر إلى العامي أخرى.
ختاماً: إذا تعاهدنا اللغة في أيام السنة جميعاً، استطعنا إبقاء الناشئة على تواصل مع لغتهم على مدار العام، فلا بأس أن نحتفل بهذا اليوم بعد ذلك، ويكون بمثابة الاحتفال بنجاح مشروعنا لهذا العام، وبهذا نبدو كمن استمر يسقي الشجرة ويحوطها بالرعاية دون انقطاع، ثم خصص يوماً في السنة لتعريف الناس بها وبمزاياها العديدة، وبهذا سيكون ما يقوله لهم اليوم (عن الشجرة أو اللغة) رافداً ومقوياً ومعززاً لما ليس غريباً على مسامعهم، فيصبح ذلك اليوم للعربية كليلة القدر لرمضان، يوماً مميزاً لكنه ليس جديداً كل الجدة.
- حسن بن جابر