د. أحمد الفراج
رغم أن شرائح من المواطنين الأمريكيين البيض صوتوا لأول رئيس أسود في التاريخ الأمريكي، وذلك في عام 2008، إلا أن وقع فوز أوباما بالرئاسة لم يكن حدثاً سعيداً لشرائح أخرى من البيض، والذين يطلق عليهم لقب «المحافظين»، تخفيفاً، وإلا فهم في أعماقهم عنصريون، أجبرهم قانون الحقوق المدنية، للمساواة بين السود والبيض، والذي وقّعه الرئيس ليندون جانسون، في عام 1968على قبول الأمر الواقع، ومن عاش في الولايات المتحدة يعرف ذلك جيداً، فلم يكن سهلاً على المحافظين الأمريكيين أن يتساوى معهم السود، ولولا أنّ باراك أوباما يتمتع بمؤهلات عالية، ويملك كاريزما مؤثرة، لما فاز بالرئاسة، هذا علاوة على الظروف العصيبة، التي واجهتها أمريكا بوش - تشيني، بعد غزو العراق واحتلاله، والخسائر المالية والبشرية، التي تكبدتها أمريكا من راء ذلك، والتي سهلت فوز أوباما، وجدير بالذكر أنّ أوباما ليس من أصول أفريقية خالصة، فوالدته سيدة بيضاء، من ولاية كانساس، في عمق الجنوب الأمريكي!.
لم يقتصر السخط من فوز رئيس أسود على عامة الشعب من العوام، بل وصل لبعض ممثلي هذه الشرائح الشعبية في الكونجرس، ومنهم جمهوريون بارزون، ففي الليلة التي احتفلت فيها أمريكا بتنصيب باراك أوباما رئيساً، في 20 يناير 2009، كان مجموعة من الساسة الجمهوريين يجتمعون في مكان ما، في واشنطن دي سي، ليتعاهدوا على تعطيل عمل هذا الرئيس القادم من المجهول، وغني عن القول إن تاريخ المماحكات الحزبية بين الديمقراطيين والجمهوريين طويل وحافل، ومن يمكن أن ينسى ما فعله الديمقراطيون في مجلس الشيوخ، عندما رشح الرئيس الجمهوري، جورج بوش الأب، القاضي كليرانس توماس للمحكمة العليا، إذ حاولوا تعطيل هذا الترشيح بكل السبل الممكنة، وكانت تلك الاستجوابات، التي نقلتها عدسات التلفزيون، من أشرس المعارك السياسية، بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خلال الخمسين عاماً الماضية!.
المجموعة الجمهورية، التي تعاهدت على تعطيل عمل أوباما، نجحت في ذلك إلى حد كبير، رغم أنّ أمريكا، في ذلك الوقت، كانت تمر بأزمة اقتصادية طاحنة، وكان أوباما قد عمل مع إدارته على مشروع إنقاذ، وقد نجحت المجموعة من تعطيل ذلك المشروع، ورغم تذمر الديمقراطيين من ذلك التعطيل، إلا أنهم يفعلون ذات الشيء هذه الأيام، من خلال استجوابهم لمرشحي الرئيس ترمب في مجلس الشيوخ، وسعيهم الحثيث للتأجيل والتعطيل، ويبدو أنّ ذلك هو البداية لمماحكات حزبية لن تنتهي، بين إدارة ترمب، والديمقراطيين في الكونجرس، وهذا ما سنتابعه ونكتب عنه لاحقاً!.