د. محمد عبدالله الخازم
«وأوضح معالي المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أن مجال البحث العلمي في المختبرات مجال مناسب جدًّا لعمل المرأة».. وقال «إن فيه الكثير من الخصوصية، ولا يتطلب المزاحمة والانتقال والسفر اليومي لمسافات طويلة، والمخاطر فيه محدودة جدًّا» تصريح صحفي.
لم يرُقْ لي هذا التصريح من معالي المهندس الفالح؛ لأن فيه تكريسًا للفكر النمطي الذي لا يخدم تمكين المرأة في مجالات العلم والعمل كافة. المرأة تعمل محامية وطبيبة ومهندسة وباحثة في المجالات كافة، وآن الأوان لتجاوز المفاهيم التي تحدد مهامها في خيارات محددة، بناء على تصورات الضعف وعدم القدرة على مواجهة المخاطر والصعوبات.
في البداية تمت معارضة تعليم البنات، وحين تعلمت تم أدلجة تعليمها ومنعها من تخصصات بحجة أنها لا تناسبها، بل إن الجامعة التي يصنفها البعض على أنها الأفضل والأغنى في البلاد (جامعة الملك فهد للبترول والمعادن) لم تفتح أقسامها للبنات بحجة أن تخصصاتها تقنية لا تناسبهن، وفق صورة نمطية سطحية، ترى أن كل تخصص مهني أو تقني لا يناسب المرأة. طبعًا هي حجة تقفز على الحقيقة، ارتاح لها مسؤولو جامعة البترول لقناعة غير معلنة، مفادها أن تعليم البنات يشكّل صداعًا إداريًّا مزعجًا، كما قال لي أحد مسؤوليها ذات يوم. الحقيقة، إن هذه الجامعة لديها كليات علوم وحاسب وإدارة وعمارة، لم تفتح أبوابها للمرأة، بينما الجامعات الأخرى فتحت هذه المجالات للمرأة مبكرًا. وفتح التعليم الفني للمرأة زاد جامعة البترول إحراجًا في هذا الشأن!
كنتُ آمل من معالي وزير الطاقة، الشخصية القيادية المنـفـتحة، رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو (الأم الحنون لجامعة البترول والمعادن) أن يطالب الجامعة بفتح تخصصاتها للجنسين، وأن يتيح توظيف المرأة السعودية في المجالات كافة التي ترغب فيها في أرامكو، وفي مؤسسات البحوث والطاقة والصناعة، وغيرها من القطاعات التي يشرف عليها، لا أن يكرر مقولات نمطية، يجدر بنا تجاوزها..
كنت أتمنى من معاليه وهو يلاحظ تدني نسبة الحاصلات على جوائز التميز أن يحفز السيدات للمنافسة في المجالات كافة، وأن يطالب بتسهيل العوائق أمامهن، لا أن يحصر تميزهن في المختبرات، وكأنه يقول لهن هذا يكفيكن! بل لعله يطالب بإتاحة مزيد من الوظائف لهن في المختبرات، طالما يتصور أنها المتاح لهن؛ فهن يعانين شحَّ الوظائف في المجالات كافة، بما فيها وظائف الباحثات والعالمات. ولعله يحصل على الإحصاءات من المؤسسة التي يرأس مجلس إدارتها (مدينة العلوم والتقنية)، بدءًا بسؤالهم عن عدد الباحثات العاملات بالمدينة ومختبراتها المختلفة.
معالي المهندس الفالح ليس مجرد وزير للطاقة، بل مسؤول عن الملف البحثي والتقني والصناعي ورئيس إدارة أكبر شركة داعمة لجامعة البترول؛ لذلك ركزت على كلمته في هذا المقال. عشمنا في معاليه - بوصفه مسؤولاً تنويريًّا متميزًا - أن يسهم في دفع أو دعم تعليم المرأة، ودعم توظيفها وأبحاثها، دون تفصيل ما يصلح أو ما لا يصلح لها. مهمتنا إتاحة الفرصة للمرأة، ومهمتها تحديد واختيار ما يناسبها من مجالات، مثلها مثل الرجل، وخير من يقود هذا التوجُّه الوزير الفالح.