عبد الرحمن بن محمد السدحان
هذا الوطن.. هو بيتنا الكبير..
هو مأوى أفئدتنا..
هو عشُّ أحلامنا، وحصْنُ آمالنا.. وتاجُ طموحنا..!
هذا الوطن.. هو نعيمُنا بما أفاء الله علينا من يُسْر العيش، واستقرار الأنفس، وأمن الأرواح..
وهو شقاؤُنا لأننا نشقى في سبيله ومن أجله.. حباً له.
* * *
ولما كان الوطن رعشةَ وجدان تسكن الضلوع.. وتختلط بالدم.. وتغتسل بحبّات الدمع.. ولدتْ خاطرةُ اليوم لتضيءَ أكثرَ من شمعة عتاب.. ولتقْرعَ أكثر من جرس نصيحة.. لكل أولئك الذين لا يحبّون هذا الوطن بقدر ما يُحبّهم.. ولا يبذلون في سبيله وفاءً له.. وتقرّباً منه.. وانتماءً إليه.
* * *
اليوم أقرع الأجراس لمن يخونُهم احياناً الوفاءُ لهذا الوطن.. مرةَ.. أو مرات.. عمداً أو سهواً.. أقرعُها لكل الذين يجرحُون حبهم للوطن بـ(اللا انتماء) واللا مبالاة وبالأنانية والجحود.
* * *
أقرعُها، للمسافر منا في الأرض البعيدة.. حين لا يرعى حرمة دين.. ولا حشمة وطن.. ولا حياء وجدان.. فيأتي من الحماقات المعلنة ما يسفّه الحلم.. ويجرح كرامة الإنسان! ينسى أنه (سفير) لدينه وبلاده وقومه.. وأننا بسببه قد نصبح مضغة في الأفواه الكريهة، وطُعْماً رخيصاً لصنارات الألسن.. وشهوات الكلام! ينسى أننا (نُحاكَمُ) داخل أروقة بعض العقول الغربية والشرقية التي تجهلُ الكثيرَ عنا، فتوظّف حماقات البعض للنيّل منا.. كي تؤذينا.. ونحن براء مما صنع هذا.. أو قال ذاك.. براء من وزر حماقة مارسها زيد أو عمرو من الناس.
* * *
ما ذنب هذا الوطن وأهله أن يُصوّب إلى صدره كلامٌ جارح مهين لأن أحمقاً من الناس، رجلاً كان أو امرأة، (يستعرض) عضلاته المخملية أمام آلاف الأنظار، كأن يقودَ سيارة سباق فارهة جداً سريعة جداً، ومزعجة جداً، يملأ بها الأسماع والقلوب رعباً وضجيجاً.. في (رحلات) مكوكية عبر شارع مزدحم بالخلق والسيارات في هذه المدينة أو تلك.
* * *
أنا لا أنكر عليه ولا على غيره حريتَه، ولا أصادر حقه في ممارستها، ولكن إذا كانت هذه الممارسة تسيءُ إليه.. وإليّ.. كوننا جزْءاً من تراب هذا الوطن، وإذا كانت ستمنحُ الغرباءَ من الناس وغيرَ الغرباء رخصةَ الغمز واللَّمز.. تصل أحياناً إلى أعمدة الصحف، وشاشات التواصل الاجتماعي، فتلك قضية أخرى.
وما دام الناسُ بطبعهم نزّاعين إلى (تعميم) الشر و(تخصيص) الخير.. فإنه لا مفرّ من أن يزرَ واحدً وزرَ آخر، ونصبح (كلنا) في نظر (كل) الناس أسْرَى الحماقة والاستهتار واللاّ مسؤولية.
* * *
أخيراً:
أقول لكل معنيَّ بهذا الطرح أن يتّقيَ الله في كرامة هذا الوطن وأهله.. في تاريخه وتراثه.. في سمعته ومنجزه، فنحن جميعاً جزء لا يتجزّأُ من كرامة هذا الوطن.. ما يناله ينالنا، حتى ولو كان ذلك بفعل بعض السفهاء منا.