عمر إبراهيم الرشيد
من البديهي أنه لولا الخلافات الفلسطينية الداخلية لما استطاعت (إسرائيل) مواصلة عربدتها في الأرض المحتلة، وكذلك الدعم الأمريكي والغربي مكنها من ذلك إلى جانب حروبها الصامتة وغير المباشرة في غير ما مكان من هذا العالم. مؤسفة هي تلك النزاعات وذلك التقسيم داخل الأراضي الفلسطينية المحسوبة على السلطة وقطاع غزة، ما ضيع الشعب الفلسطيني وضيع عليه فرصًا سانحة حتى في أروقة الأمم المتحدة ومنظمات دولية عديدة. هذه السنة كما هو معلوم تحل الذكرى المائة لوعد جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا بإنشاء وطن لليهود في فلسطين، فماذا أعدت منظمة التحرير ومعها حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية لاستغلال هذه المناسبة وشرح وبيان ممارسات الاحتلال الصهيوني، في المنظمات الدولية والمرافق الثقافية والدبلوماسية، بما يخدم القضية ويصحح الصورة المقلوبة في كون الضحية أصبحت هي الجلاد.
إن قرار اليونسكو الأخير بخصوص المقدسات الإسلامية في القدس الشريف وأنها جزء من الحضارة الإسلامية العربية يعد نصرًا للقضية نوعيًا نحن بأمس الحاجة لمثله من انتصارات، حتى وإن كانت معنوية ثقافية لأن تأثيرها ربما يبدو للبعض بأنه محدود، إنما هو تأثير على المدى البعيد قوي ولا بد منه للقضية الفلسطينية كلها، نظرًا لمعناه الحضاري والحقوقي بأن هذه الأرض عربية إسلامية. ويعلم كل مدرك مطلع بأن المعارك ليست محصورة في الميدان العسكري، فهي في كل ميدان سواء كان عسكريًا أو ثقافيًا أو دبلوماسيا، بل إن (إسرائيل) من فقرها الحضاري حاولت تسجيل بعض الأطباق على أنها لها كالحمص والفلافل وغيرها، لكن الفلسطينيين واللبنانيين قطعوا عليهم الطريق وسجلوها رسميًا لدى المنظمات المتخصصة بأنها أطباق عربية.
وأعود فأذكر بأن حكومة الاحتلال تعرت بممارساتها في السنوات الأخيرة خصوصًا أمام العالم، الذي بات الخبر والصورة تنتقل فيه بسرعة الضوء وغدًا من الصعب أو المستحيل حجب الحقائق والأخبار، لكن ومع الأسف فإن ممارسات بعض أصحاب الحق في فلسطين وفي العالم العربي عمومًا، حكومات أو منظمات أو أفرادًا، إضافة إلى استغلال الصهاينة لكل مناسبة ووسيلة لخدمة أهدافهم وبتخطيط بعيد المدى، يصرف أنظار العالم عن ممارسات هذا الكيان المأزوم وبدعم من أمريكا والغرب ليس بالجديد، . وهذا الكيان المحتل كما نعرف جميعًا هو أكبر المستفيدين من الكوارث أو ما سُمِّيت بالربيع العربي، حين انصرف العرب وذهلوا عن ممارسات الكيان الصهيوني وعربدته في فلسطين المحتلة، إنما ليس بعد الظلام الحالك إلا الفجر، والله غالب على أمره.