إبراهيم الطاسان
الهوام السامة كالثعابين، والسحالي العملاقة آكلة الجيف. تتصف بصفة تنفرد بها دون غيرها من المخلوقات. منها أنها تتصف بطول اللسان، لكونه أداتها الوحيدة التي تتحسس فيه ما يحمله الهواء. ومن لسانها تنبعث روائحها النتنة، كوسيلة لإخافة أعدائها، أو نشر غازات شلل ضحاياها. والثور من فصيلة البقر يستعمل لسانه (كمنديل).. والعرب حذرت من اللسان بقولهم «لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن أهنته أهانك»، وأولاً وأهم من قول العرب، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين سأله عن عمل يدخله الجنة ويباعده عن النار. فقال عليه الصلاة والسلام. لقد سألت عن أمر عظيم. بدأه بقوله عليه الصلاة والسلام «تعبد الله ولا تشرك به شيئاً» إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟» قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه فقال: «كف عليك هذا. فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم؟» رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه. العرب خاصة بين الأمم تتعفف عن سقوط الألفاظ، ولا زالت هذه الميزة التي هي إحدى مكارم أخلاقهم. فينشئوا أبناءهم على صيانة اللسان من الزلل عن لطائف ومستحسنات النعوت والأوصاف والكنايات إلى ما يستقبح من الألفاظ. وصدق أبو العلاء المعري يقوله حين قال:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوّده أبوه
ومن يستمع لناعق كبومة ليل تستتر بالظلام، حين يستتر المسمّى بأمين حزب (الضاحية الجنوبية) وهو وراء زجاج مغلظ مقاوم للرصاص في بعض خوائه وعوائه. حينما حشرته عزائم أبناء جزيرة العرب، وأغلقت عليه وأسياده المنافذ. فيهذي بصفات ونعوت يوجهها نحو قيادة المملكة العربية السعودية التي أرهقت بأدائها الدبلوماسي، وخطها السياسي، ووسطيتها. أصنام محاريب قبلته بطهران .. وكأنّ أبو العلاء عناه بقوله:
«وطِفلُ الفارسيِّ لهُ وُلاةٌ
بأفعالِ التَمَجُّسِ دَرَّبوه»
استمعت إليه متحدثاً وهو كمن شبه به الله تعالي: بقوله: {إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث}، فحمدت الله أن بلغ به الحال ما هو عليه من إسفاف في الألفاظ والمعاني والمذلة الظاهرة، التي توارت وراءها كل فضيلة يمكن أن تنسب لماضية، إن كان في ماضية ما ينسب لغير السخف والفشيلة...