خالد بن حمد المالك
لنا مع الموروث تاريخ مضيء، وتجارب مشعة، وارتباط ينطق بكل ما هو جميل، حيث نزهو ونفاخر به، ونرى فيه من الأهمية ما يجب التذكير به، وإحياؤه، وخلق المناسبات التي تليق به، وإشهاره بها.
* *
هكذا نحن مع التراث، مع ما ينبغي أن نتعامل به مع ما له مساس بموروثنا، باعتباره جزءاً أصيلاً من تاريخنا، وحلقة وصل بين حاضرنا وماضينا، ولكي لا تنسينا مشاغل الحياة عن الشيء الأثير في وجداننا.
* *
لهذا يحرص ملوك المملكة، واحداً بعد الآخر، على أن تكون الجنادرية مهرجاناً سنوياً، يحكي القصة الكاملة عن تاريخ مضى، ولكنه بقي حياً وشاهداً على عظمة هذا الشعب، نبراساً يضيء الطريق للأجيال، جيلاً إثر جيل، ومعبراً عن حقبة بعد أخرى في هذا التاريخ الجميل.
* *
الجنادرية، عنوان للماضي، استذكار بما مر في حياة الأجداد ومن سبقوهم، تذكير به، ومراجعة لكل ما حفل به من بدايات، وما مثله من تطور، وما جاء به من مبادرات، فيها من الفكر والقيم والشهامة والارادة الشيء الكثير، ما يعني أننا أمام مراحل وليست مرحلة، وبين حقب وليست حقبة واحدة، في أكثر من مناخ، وبعدد كبير من التجارب الحية في الصناعات التقليدية، وحيث كان آنذاك أسلوب العيش، باستخدام أدواته المتاحة، وقدرة الانسان في التغلب على الصعوبات.
* *
وإذ يقود الملك سلمان بن عبدالعزيز يوم الأربعاء القادم هذه التظاهرة الثقافية والتراثية والتاريخية أمام حشد من الناس، فهو بذلك يؤصل ويرسخ للتاريخ الذي هو جزء من اهتمام الملك، ويعطي بعنايته صوت الرعاية الذي يتواصل دعماً لمهرجان الجنادرية الذي اكتسب العالمية، وأخذ مكانه ومكانته في اهتمام العالم ومتابعته لفعالياته، فقد أصبح واحداً من أهم النشاطات التي تستعد مناطقنا ومحافظاتنا للإسهام في إظهاره بالصورة التي تليق بتاريخنا وتراثنا وموروثاتنا الثقافية.
* *
وفي هذه المناسبة الكبيرة يحرص الملك سنوياً على تكريم المبدعين والمتميزين من المواطنين في حقول عدة، ومجالات كثيرة، فيمنحهم أعلى الأوسمة، وأهم صور التقدير، في توجه منه للتأكيد على اهتمام القيادة بالإنسان السعودي بوصف الاستثمار فيه أهم استثمار، وبأنه طالما تميز هذا الإنسان في عمل أو إبداع أو موهبة، فسيظل موضع التقدير.
* *
وليس سباق الهجن هو أهم ما يقدمه المهرجان فقط، ولا الأوبريت كذلك، فهناك تنافس بين مناطق المملكة ومحافظاتها ومدنها، على تقديم ما تتميز به كل منها من صور عن ماضيها في كل مجال وميدان، وهنا يكون المشهد مثيراً، حيث الصور الناطقة عن أسلوب الحياة، ونوعية الكفاح الذي صاحب قيام هذه الدولة منذ بداياتها وإلى اليوم.
* *
ولا بد من تقديم التهنئة لكل من ساهم في هذا الإنجاز الكبير، وبخاصة وزارة الحرس الوطني وعلى رأسها سمو وزيرها النشط الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، وإلى أصحاب السمو أمراء المناطق، وكل الجهات التي تساهم في إضفاء هذا النجاح في تنظيم أهم المهرجانات في بلادنا، وجعله من حيث المستوى يليق بمكانة المملكة، وبتاريخها، ورجالاتها، ويوم الأربعاء سنكون -إن شاء الله- على موعد مع مهرجان الجنادرية في عام جديد لنعبر عن فرحنا الكبير.