سمر المقرن
استغرب حقيقة من انتشار السخرية بخلقة الله -عز وجل- من خلال توجيه السهام نحو شكل إنسان يتم الاختلاف معه فكرياً أو عقائدياً. المشكلة أن أكثر الساخرين بحسب ما أراه هم يتحدثون دفاعاً عن الدين، وفي الوقت ذاته هم يقللون ويسخرون من شيء الله هو من خلقه ولا دخل للإنسان فيه. السخرية من الشكل الذي خلقه الله هناك من اعتبره أقل جُرماً من الصور التي اختارها الشخص لنفسه مثل الثوب القصير.. وهذا ما يُفسر انتشار هذا الأسلوب في التعامل مع الاختلاف الفكري، لأنه لو كان هناك توعية دينية ورادع ديني لما تجرأ الناس على شيء من صنيعة الله، وصار الأمر معكوساً في خوف الناس من الاقتراب بالنقد ممن يرتدي زياً معيناً أو يضع لنفسه شكلاً معيناً. بصراحة قمة التناقض السلوكي الذي يحث على البحث والتذكير بأهمية تحجيم هذا السلوك المؤلم في التعدي على الله -سبحانه وتعالى- والخوف من التعدي على ما هو أقل منه!
الاختلاف الفكري والعقائدي سيظل قائماً ما حيينا، وإلى أبد الدهر، إلا أن أسلوب الناس في إظهار هذا الاختلاف يعتمد على الثقافة المجتمعية والقدرة على بناء حوار عنوانه الأخلاق والاحترام، وحتى لو اضطر الشخص إلى التجاوز على غيره فقد يصل إلى اللذع بالأفكار وطريقة عرضها وليس التعدي على شكل الأنف أو الفم أو الوجه الذي خلقه الخالق ولا دخل لصاحبه في شكله.
بعض الناس لا يعلمون خطورة اللسان، وأن أجرهم عند الله أكبر وأعظم لو أحكموا على إغلاقه بعيداً عن التعدي على الناس وأشكالها دفاعاً عنه، بغض النظر عن فداحة جُرم الأفكار وأسلوب عرضها غير المقبول من طرف هؤلاء المختلفين، فلا يحق لنا أن نسخر من أشكالهم ليس احتراماً لهم، فهناك أشخاص لا يستحقون أي احترام لأن تعديهم يكون على الدين وعلى أركان المجتمع، لكن نحترم أشكالهم وهيئاتهم احتراماً منّا لرب العالمين الذي شكلّهم وخلقهم ورسم صورهم، وكما قال في كتابه الكريم: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (4) سورة التين.
هذا الأمر أظنه بحاجة إلى جهود توعوية مكثفة تُجرّم هذا الفعل وتوضح أنه ليس أقل من مرتبة الاستهزاء باللحية أو الثوب القصير، بل أعظم وأكبر!