إبراهيم الطاسان
الشرط المعلن للانقلابين - الحوثيين والمخلوع - هو رفع الحظر الجوي عن مطار صنعاء الدولي. والمثل يقول: لئيم ويتشرّط. فما الحكمة من هذا الشرط؟ لاشك أن الانتصارات المتوالية، وحلقة الطوق بين ميدي والمخا يكاد يلتقي طرفاها فيحكم الخناق البحري. قد يكون هذا سبباً من أسباب هذا الشرط بفتح مطار صنعاء. ليكون منفذاً لتهريب الأسلحة من إيران ولو برحلة واحدة من الأربع عشرة التي كانت، بالإضافة إلى نقل الأفراد. هذا أولاً، ثم منفذاً للهروب المحتوم للحوثيين والمخلوع في لحظة الحقيقة الواقعة في مستقبل الأيام القريبة. لاشك أن من اشترط هذا الشرط، إما أنه سادر في الغباء، أو موغل في الأمل. يهمنا الحالة الثانية: الموغل في الأمل. تضمين ابن الشيخ لهذا الشرط في إحاطته لمجلس الأمن، برهان قاطع على أنّ موقف الحوثي والمخلوع بتعنتهم وعدم التزامهم بمضمون القرار 2216، مبني على موقف مبرمج على صيغة تدرج هيكلي .كل طرف يعرف مهمته وموقفه المرسوم فيه بهدف إلغاء فعالية القرار وتذويبه. وهذا يدل على أن العصابات المليشاوية (الحوثية والمخلوع)، أصبحوا في الموقف السياسي أقوى من مجلس الأمن ومندوب الأمم المتحدة، برفضهم تنفيذ القرار 2216 وبنوده المحددة بوضوح لا يقبل التأويل. إلى درجة أنهم تجاوزوه، وأصبحوا يملون شروطهم اللامعقولة، بينما ولد الشيخ، وهو خبير متمرس في الإشراف على أعمال الإغاثة، خذلته الخبرة في فك شفرة تعقيد خيوط اللعبة السياسية، فانقاد وراء الرغبة بالنجاح عن طريق المسلك الأصعب. بمحاولة التقريب بين الأطراف، فيسمع لهذا ويأخذ منه كمن (يقص ويلصق) فجاء بخطة كيري مهذبة. ولما لم تنطل على الشرعية ركن للهدوء فترة، حتى بدأت تضيق على الانقلابين في نهم وصعدة والمخاء والساحل الغربي. لينطلق برحلة انتهت به في صنعاء مستقبلاً بالشتائم على السنة الحوثيين. ليرجع منها محملاً بأمانة نقل شرط فتح مطار صنعاء لمجلس الأمن. ولم يتذكر ابن الشيخ أن مهمته كما صاغها القرار 2216 هي دفع ومعاونة الأطراف على تنفيذ بنود القرار بدون اجتهادات تعمق المشكلة. إلا أنه طوح ببنود القرار عملياً، وثبتها إعلامياً بتصريحاته التي غيب عنها إطلاق صراح المخطوفين كوزير الدفاع الصبيحي. كما غاب عنه أن من أضاع الطريق فقد الوصول للهدف، مؤمناً بتأثير القوى أنها قادرة على صياغة الموقف الذي تريده للمنطقة، وأنه من الخير له أن يجاريها ولا يجانبها. ولكنه لم يؤمن أن قيدات المنطقة المنضوية في التحالف العربي لمساندة الشرعية لن تقبل بصياغة حال الجزيرة العربية خارج نطاق إطار الصورة التي رسمتها هي لها، لذلك هبت دونها عواصفها. وهي مدركة لكل النوايا والخبايا. ولكنها أيضا مدركة لمعني المثل: إبرتك الصدئة خير لكم من فأس اللئيم. ولد الشيخ سيغرقه الوهم، ما لم يعد ويكون سنداً ومناصراً لتنفيذ للقرار بكامل بنوده بالوقف بجانبه في مواجهة الانقلابين، وأمام مجلس الأمن في بياناته، فقبله ابن عمر سقط لانحيازه وابن الشيخ سيسقط لخروجه عن النص .. فهل يدرك؟..