فهد بن جليد
تركي الحمد يُعزِّي سلمان العودة بعبارات مؤثرة مُشاركاً في أحزانه, وابن فروة ينعى والد ناصر القصبي ويدعو له بالرحمة والمغفرة, مشهدان هما الأبرز في التجاذبات المُجتمعية هذا الأسبوع, نتمنى أن يسودا علاقاتنا كنموذج صحي وطبيعي في المجتمعات الراقية, فمهما كان هناك اختلافاً في أفكارنا, أو نظرتنا للحياة, فنحن في النهاية أبناء دين واحد, وأبناء مجتمع ووطن واحد.
الموت له هيبة, وعادة ما تُظهر لحظات الانكسار والضعف التي يعيشها (الفاقد), حقيقة معدن وجوهر المُختلفين معه وقت القوة والاشتداد - أو قُل (خصومه) إن شئت - المسألة قبل أن تكون من أخلاق الفُرسان الشجعان فهي إنسانية وواجب ديني في المقام الأول, وما أحوجنا إلى إبراز مثل هذه العلاقات المتنوعة (خارج الصندوق), التي تُشبه كثيراً علاقة لاعبي كرة القدم في فريقين مُتنافسين بعد نهاية المُباراة, كي تحفظها ذاكرة المجتمع (المخرومة) عادة, بدلاً من حفظ المُناكفات وإبرازها وتأجيج الصراعات عبر وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي, فالاختلاف لا يُفسد للود قضية, والتنوع الفكري بين فئات المجتمع الواحد لا يجب أن يقود إلى الخصومة أو التشفي (بسقطات وإسقاطات) مؤذية في مثل هذه اللحظات الحزينة التي يعيشها أحد الفريقين, بل يجب أن يحتكم الجميع إلى أخلاق وآداب إسلامية ومجتمعية تزيد من لحمتنا الوطنية, وتبني أكثر مما تهدم, وتُظهر التراحم والتواد بين أبناء المجتمع الواحد.
أجدها فرصة أن أُجدِّد العزاء لكل من الشيخ سلمان العودة في وفاة زوجته وابنه وقريبتهم, وللفنان ناصر القصبي في وفاة والده, وأشكر كل المُختلفين معهما ممن لم يستغلوا (الظرف الإنساني) ليرقصوا على أحزان الآخرين, بل وقفوا معهما في لحظة (ألم وفَقد). ما شاهدناه من حضور كثيف لكافة شرائح المجتمع ومشاركتهم للشيخ سلمان والفنان ناصر أحزانهما, هو ما يجب أن نبرزه ونفتخر به كموقف غير مُستغرب للمجتمع السعودي الذي يتعالى فيه الجميع عن الخلافات الفكرية والمادية ويتسامون بها ليواسوا جراح بعضهم البعض, في مشهد أرجو أن يُخرس تلك الألسن الخبيثة, التي تحاول النخر في المجتمع, ببث السموم, وإذكاء روح الخلاف لا الاختلاف!
وعلى دروب الخير نلتقي.