د. خيرية السقاف
السابر المتعمق النظر في مفاصل وجزئيات مؤسسة التعليم متعددة المسؤوليات في بلادنا، المتأمل الفاحص بخبرة، ووعي، ومعرفة، ومصداقية في أمرها بلا ريب سيخلص إلى أن الجامعات لا تندرج تحت مؤسسة التعليم العام، بل هي مؤسسات مستقلة بذاتها، ذات أبعاد، ومهام عليا تخصها، لا ينبغي أن تهدر قواها في شتات مرجعياتها.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الجهود الكثيرة، والكبيرة التي يبذلها الأفراد باختلاف مهامهم في مؤسسة التعليم العام، الجهود التي يقدمونها في أوقات العمل، ثم وهي تلاحقهم في بيوتهم، دون فصل في التوقيت، فتشغل وسائل اتصالهم الخاصة في أية لحظة وإن كانوا فيها حول أبنائهم، وأفراد أسرهم فتنتزعهم منهم، أو حتى وهم يقومون بأدوارهم في حياتهم الخاصة فإنها تمتد بهم إليها،
هذه الجهود تضيع تماماً في التفاوت الشاسع بين ما هو مطلوب من مؤسسة التعليم، وما هو موجود في الواقع فيها، أو كائن عنها..
إذ لئن كان الفرد من العناصر البشرية هو حقيقة محور التنفيذ لا التحبير، والعمل لا التفوُّه في هذه المؤسسة باختلاف مضامين التنفيذ فيها تعليماً، وتدريباً، وبناءً، وتحفيزاً، وصقل مهارات، وتمكين قدرات، وإظهار مواهب، وبناء شخصيات، وكشف خصائص، وإبراز إبداع،
وفي الواقع هذا لا يحدث البتة معه، وإن ندرت المحاولات الفردية لتحقيق ذلك فإنها في مجمل العموم تذوب وتتلاشى،
أفلا يكون هدر الجهود خيبة، وحسرة، بل يصبح هذا الهدر دافع مكاشفة، ومساءلة؟!
في النهاية،
هناك حاجة ماسة لوقوف هذه المؤسسة مع نفسها في موقف محاكمة، وبسط النتائج، وفحصها، ومن ثم جمع الجهود لتبذل من أجل الرتق، والمعالجة، وإشاعة الدواء، وتمكين المعافاة فيها.
وقد كثر السائلون، وتعددت الآمال، وتطايرت الأحلام..!!
ولا اختلاف في أن التعليم محور أفكار العامة، ومدار حكم الحكماء، وعجينة تنظير المجتهدين، ونبض العلماء، وفلسفة المتأملين.
لكنه صناعة الجادين، الفاعلين..
وفي كل الحالات، والاتجاهات هو الركيزة الأساس لارتفاع البناء، أو انخفاض سُقُفه في حياة البشر..!!