فهد بن جليد
ما بين (طالق) و(طالئ) و(تالئ) فرق كبير في احتساب وقوع الطلاق في مصر، والذي يرى فيه العلماء هناك وجوب (الصراحة والوضوح) في القصد واللفظ والمعنى، قبل أن يتم طرح فكرة إلغاء (الطلاق الشفوي) كلياً، القضية التي شغلت الرأي العام مؤخراً بين القبول والرفض ؟!.
فكرة إلغاء (الطلاق الشفوي) قانونياً، والاعتماد على (المأذون الشرعي) أو المحكمة لتسجيل الطلاق وتأكيده رسمياً لها أسبابها، فلك أن تتخيل أنّ حوالي (900 ألف حالة طلاق شفوي) تقع سنوياً في مصر، إمَّا في لحظة غضب أحد الطرفين، أو نتيجة ضغوط واستعجال من بيده العصْمة، وهو ما يُنتج مصائب ومصاعب أُسرية، ويُهدد سلامة المجتمع إذا لم تكن هناك حلول جذرية لوقف مثل هذا الأمر، من أجل تعقيد المسألة أكثر أمام وقوع الانفصال، وعدم تركها مرهونة ومُرتبطة (بلفظ شفوي) سهل قد يخرج من الإنسان في (لحظة ما) دون تروٍّ أو تفكير، وجعل القضية أُسوة بالارتباط الذي يحتاج مأذوناً وعقداً وشهوداً، وهو رأي يطرحه ويدرسه علماء الأزهر، وإن كُنت أتمنى أن تُدرج مثل هذه المسألة أمام مُجمع الفقه الإسلامي حتى يتخذ علماء الأمة رأياً شاملاً لكافة المجتمعات العربية والإسلامية.
كثرة قضايا الطلاق الشفهي، واستخداماته الدارجة على الألسن ليست خاصة بالمجتمع المصري الشقيق ، فمعظم الدول الإسلامية والعربية تعاني من مثل هذه الظاهرة وتبعاتها وعواقبها، بل إننا في الخليج العربي من أكثر المناطق استخداماً لمُفردة الطلاق حتى في أبسط الظروف، يمكنك مراجعة برامج الفتاوى لتعرف عدد من يستفسرون عن وقوع الطلاق نتيجة لفظ شفوي، ليس المقصود منه الطلاق بذاته، بقدر ما المقصود إكرام ضيف أو تعزيز رأي في حوار عابر ..؟!.
القضية شرعية صِرفة وسبق أن تحدث فيها الكثير من العلماء سابقاً، وكل حالة طلاق شفوي لها ظروفها وتقديراتها، ومن يفصل في وقوع الطلاق من عدمه هم أصحاب الفضيلة المشايخ والعلماء المؤهلون للفتيا، أو المحكمة الشرعية التي تدرس الحالة والظروف وتقرر الرأي الصائب في المسألة، ولكن كل جهد يُساعد ويمنع وقوع الطلاق المُتسرع هو أمر جيد ومرحب به، ليساهم في البناء أكثر من الهدم، وهو الجانب المضيء في المسألة والذي يستحق الدعم والطرح..!.
بكل تأكيد اشتراط الذهاب (للمأذون أو المحكمة) في بعض المجتمعات لن يكون هو الحل في منع الطلاق وتقليل نسبته، ولكنه على الأقل قد يساهم في تخفيف وقوعه أو إتاحة الفرصة للتراجع عنه ؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.