جاسر عبدالعزيز الجاسر
أهم متغير حملته الإدارة الأمريكية الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط، هي مساواتها بين إيران كأكبر دولة إرهابية في العالم وتنظيم داعش الإرهابي، ولهذا فهي تعمل على مواجهة الاثنين دون هوادة، وأعطت أولوية لتصفية تنظيم داعش الإرهابي وطلب الرئيس ترمب من وزارة الدفاع الأمريكية ومستشاريه العسكريين، وضع خطط عسكرية للقضاء على تنظيم داعش في سورية والعراق خلال شهر واحد، وقد ظهرت مؤشرات على انغماس الأمريكيين أكثر مما كان في عهد أوباما في القتال ضد تنظيم داعش ودعم القوات المواجهة له خاصة في سوريا، فيما تواصل القوات الأمريكية المتواجدة في العراق دعمها للقوات العراقية من خلال المشاركة بفعالية ضمن قوات التحالف الدولي التي تقدم دعماً وإسناداً جوياً حربياً يوفر غطاء جوياً فعالاً للقوات العراقية التي تعمل على انتزاع محافظة نينوى المنطقة المتبقية لداعش في العراق، وهذا التعاون العسكري الأمريكي في العراق مستمر رغم عزوف ترمب في التعامل مع القيادات العراقية الثلاث التي لم يستجب لرغبتهم في القدوم إلى واشنطن، كما لم يجر أي اتصال هاتفي معهم وخاصة رئيس الحكومة الذي رفض طلب زيارته لواشنطن، إذ يرى ترمب وهو ما أعلنه أن العراق محتل من قبل إيران وأنه رغم ما تكبدته أمريكا من خسائر بترليونات الدولارات فإن الذي حصد ما تكبدته أمريكا حكام إيران الذين يحتلون العراق حالياً.
إذن الإدارة الأمريكية الجديدة لم تسقط مقولة "الإرهاب السني الوحيد" مثلما كانت إدارة أوباما مؤمنة به، بل يؤكد قولاً وعملاً مستقبلاً كما يؤكد كثير من الخبراء بأن "الإرهاب الشيعي جناح مكمل للإرهاب" وأنه أكثر خطراً لأنه مدعوم من دولة ذات موارد كبيرة ونظام ملتزم بإيدلوجية قتالية عدائية حوّل الدولة التي تحكمها إلى أكبر دولة إرهابية في العالم.
هذا المفهوم الأمريكي الذي تتبناه إدارة ترمب يحظى بقبول وتأييد من قبل جميع الدول الإقليمية في الشرق الأوسط طبعاً باستثناء إيران والدول الساقطة في دائرة نفوذها. وهو يتطابق مع نظرة فرنسا وبريطانيا، كما أنه يلقى قبولاً وإن لم يعلن في روسيا، إذ كشف مسؤول فرنسي زار موسكو أخيراً، بأن الروس متفهمون لما تقوم به إدارة ترمب وأنهم أظهروا استعداداً لبحث اتفاق بين واشنطن وموسكو يتركز على تقليص التأثير الإيراني في سوريا مع القبول ببقاء بشار الأسد.
ويبدو أن بقاء بشار الأسد ليس في اهتمامات واشنطن التي تعمل على إخراج جيوش إيران التي تقاتل بالوكالة عن ملالي إيران، المقصود هنا قوات حزب الله اللبناني والمليشيات الطائفية التي تفوق في أعدادها وحتى عتادها قوات الجيش النظامي السوري، وهذه المليشيات بما فيها مليشيا حزب الله تضم ضباطاً ومدربين وخبراء من الحرس الثوري الإيراني، وتتحرك بموجب أوامر تصدر من طهران، ولهذا فإن الإدارة الأمريكية ستوقف الصفقة التي أبرمها الرئيس السابق أوباما والتي منحت المنطقة إلى إيران وروسيا بأن جعلتها مفتوحة أمام التوسع الروسي والتمدد الإيراني والذي شكل تحالفاً على حساب المصالح العربية والتضييق ومحاصرة الوجود الأمريكي مما سيدفع العرب إلى التحالف مع الطرح الأمريكي الذي تتبناه الإدارة الجديدة للرئيس ترمب لمواجهة التحالف المضاد الذي رفع فيه الروس من غطرسة حكام إيران وجعلونهم يتمادون في استلابهم الحقوق العربية.
وتحالف العرب مع أمريكا حتى وإن لم يكونوا راغبين فيه تماماً إلا أن سقوط الروس في إغواء ملالي إيران يدفعهم دفعاً إلى التحالف لصد الهجمة الإيرانية.