د.ثريا العريض
لو وأنت مار بالصدفة لفت انتباهك ما يريب في تصرف فرد أو أفراد لا تعرفهم ماذا تفعل؟
عندنا مثل محلي يقول «من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه»، وهناك أمثلة بالمعنى نفسه في كل المجتمعات. بمعنى أن اللقافة تقود إلى الندم ففي اللغة الإنجليزية مثل يقول: «الفضول قتل القطة».
وهناك مقولة مررت بها مؤخرا منسوبة لمالكولم أكس تقول : «اصمت كأنك لم تفهم، وتجاهل كأنك لا ترى». ولعلها مقتطعة من سياق أكبر ولكنها كما وصلت تصب في النصيحة العامة نفسها بتجنب تهور التفاعل مع المؤثرات الخارجية التي لا شأن للفرد بها. وبغض النظر عن صحة نسبة المقولة للقائل إلا أنها تستحق التأمل.
اعتدنا أن من يتدخل ليصحح وضعاً ما متفق أنه غير مقبول أخلاقيا أو إنسانيا، يصنف شجاعا أو شهما أو حتى بطلا. ولكن على أرض الواقع هؤلاء ندرة، والذي يحدث أن الغالبية تكتفي بالتفرج عن بعد. وفي المدن المكتظة يتجاهل الكثيرون ما يرون وكأنهم لا يرونه ليتجنبوا أن يتخذوا قرارا بالتفاعل الشخصي خاصة في حالة مشاهدة جريمة ترتكب أو اعتداء قوي على ضعيف.
ولعل المقولة أعلاه تعني أن يتجاهل السامع أنه سمع وفهم ما سوف يدفعه لرد فعل سلبي لو أظهر فهمه، بمعنى أن «يطنش» السامع عما يسمع من إهانة مقصودة موجهة له مثلا.
و لكن قلة فقط تمارس الصمت بقصد، سواء في حالة الفهم أو عدم الفهم. والغالبية يعلقون حالا أو حتى يعاقبون القائل لفظيا أو بدنيا لو شكوا مجرد شك أن فيما سمعوا منه إهانة مقصودة واضحة أو حتى متدثرة بابتسامة مزاح. ما يدفعني للتساؤل : ترى ما هي النسبة التي تمارس التجاهل كخيار منتقى؟ وفي حالة مشاهدة حادث أو جريمة ترتكب ما هي النسبة التي تكتفي بدور المتفرج السلبي؟ وما هي النسبة التي تتدخل لتوقف الخطأ أو الضرر؟ وأين حد الفرق بين الشجاعة والتهور الذي يفصل الشهامة عن الملامة؟
ببساطة لو تجاهل الجميع ما يحدث من أفعال وأقوال سلبية فسيكون الناتج مجتمعا يعيث فيه المجرمون. ولو تدخل الجميع في كل ما يستدعي انتباههم من تصرف الآخرين لأمسى مجتمعا خانقا لأن حدود الصح والخطأ تتباين وقد نخطئ الحكم اشتباها في النيات أو المظاهر. والأسلم أن تتبين قبل أن تتدخل فقد يكون انطباعك الأول مخطئا لسبب ما.
قد تشعر أن عليك أن تفعل شيئا حالا. والشهامة لها تقدير خاص يرفعك في تقدير الناس وتقديرك لنفسك.
وهناك شعارات مصيرية تذكرنا أن كل مواطن مسؤول.
قم بدورك بين هذا وذاك وتوخى السلامة..
الآن تتيح التقنية الحديثة أن تبلغ المعنيين بالأمر حالا.. و تترك القانون يأخذ مجراه فلا الجاني يسلم ولا أنت تتعرض للخطر.