إعداد - نائب رئيس التحرير فهد العجلان:
أكد مساعد الرئيس الأذربيجاني للشؤون السياسية والاجتماعية علي حسنوف أن زيارة الرئيس إلهام علييف إلى المملكة العربية السعودية أخيراً والمحادثات التي أجراها مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، تضمنت السماح التام للشركات والصناديق السيادية السعودية بالاستثمار في أذربيجان في مختلف المجالات، معرباً عن تطلع بلاده إلى مشاركة الشركات السعودية العاملة في مجال البتروكيماويات، والعمل معاً في هذا القطاع، وكذلك في مجال الاستثمار في الغاز الطبيعي الذي تصدره بلاده.
وقال السيد علي حسنوف خلال زيارته مقر صحيفة «الجزيرة» ولقائه أسرة تحرير الصحيفة إن بلاده ترحب بالسياح السعوديين الذين سيجدون راحتهم واستمتاعهم بالأجواء والطبيعة، وما تمتاز به أذربيجان من مقومات سياحية جاذبة وبيئة محبة وودودة للسياح السعوديين، لافتاً إلى أن بلاده استقبلت العام الماضي قرابة 10 آلاف سائح سعودي، متوقعاً ارتفاع هذا العدد إلى 30 ألف سائح هذا العام، وهو المنتظر - بإذن الله - مبدياً تطلعه إلى أن تسهم الشركات السياحية السعودية في زيادة هذا العدد من خلال الاستثمار في أذربيجان. وفي الشق السياسي، أشار السيد علي حسنوف إلى أن بلاده تسعى إلى نشر سياسات داعمة للتضامن الإسلامي، وتجنب النزاعات بين الدول الإسلامية، وكذلك مكافحة ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، متطلعاً إلى إيجاد حلول للمشكلات التي تعانيها بعض دول العالم الإسلامي، ومنها احتلال أرمينيا لـ 20 % من أراضي بلاده، والقضية الفلسطينية، ومأساة اللاجئين في الشرق الأوسط التي طرأت نتيجة التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة... فإلى الحوار:
التضامن الإسلامي ومكافحة «الإسلاموفوبيا»
في بداية اللقاء رحَّب الزميل رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك بمعالي مساعد الرئيس الأذربيجاني للشؤون السياسية والاجتماعية علي حسنوف في مقر صحيفة الجزيرة بالرياض، موكداً عمق العلاقات السعودية الأذربيجانية، ومشيداً بنتائج زيارة الرئيس الأذربيجاني إلى المملكة في شهر أبريل من العام 2015، والتي كان للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - أهمية بالغة في دعم تشجيع وتطوير الصداقة والأخوة الإسلامية بين البلدين. وتحدث مساعد رئيس جمهورية أذربيجان قائلاً: كما تعلمون أن أذربيجان تستضيف هذا العام الدورة الرابعة لألعاب التضامن الإسلامي، وسوف يجتمع معظم الرياضيين من الدول الإسلامية في العاصمة باكو للتنافس في هذه الدورة، التي ستتيح لأذربيجان نشر سياساتها الداعمة للتضامن الإسلامي بين الرياضيين والأجهزة الفنية والإعلامية، وقد أعلن فخامة الرئيس إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان عام 2017 عاماً للتضامن الإسلامي، وهذا يعني أن أذربيجان ستستمر في سياساتها الداعمة للتضامن الإسلامي بكل حزم وبكل احتراف، وتشكل الوحدة بين المسلمين والتضامن بينهم أساساً لهذه السياسة، وكذلك تجنب النزاعات بين الدول الإسلامية وكذلك مكافحة «الإسلاموفوبيا»، ونحن نتمنى أن نجمع جهود المثقفين والدبلوماسيين ورجال الدولة من الدول الإسلامية لمواجهة «الإسلاموفوبيا»، فضلاً عن حل مشكلات كثيرة تعاني منها بعض الدول الإسلامية، وهذه المشكلات مستمرة منذ سنوات عدة، ومن ضمن هذه المشكلات على سبيل المثال احتلال 20% من أراضي جمهورية أذربيجان، والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وتأخير إعلان الدولة الفلسطينية والمشكلات التي تواجهها، وأزمة اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط التي طرأت نتيجة التدخلات الخارجية، والتدخل في شؤون الدول الإسلامية، والتفرقة بين شعوبها على أسس قومية أو دينية، وينبغي التعاون لمنع كل من يعاكس الحياة التقليدية للشعوب الإسلامية، وإن المنصة التي تطرحها أذربيجان في موضوع التضامن الإسلامي يمكن أن تحل المشكلات التي ذكرتها.
رؤية المملكة 2030 والتبادل الاستثماري
من جانبه سأل الزميل فهد العجلان نائب رئيس التحرير مساعد الرئيس الأذربيجاني قائلاً: معالي المساعد، لابد أنكم سمعتم قبل زيارتكم أو خلالها عن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وأهمية محور العلاقات الاقتصادية والاستثمارية البينية مع دول العالم فيها، خصوصاً أن هناك اتفاقية وقعت بين المملكة وأذربيجان في عام 1994 م وتسمى اتفاقية القرن، وتضمنت مشروعات تملك شركة «دلتا هيس» السعودية لما نسبته 2.75% منها..... في إطار هذه الرؤية التي تتضمن إنشاء أكبر صندوق سيادي استثماري في العالم، كيف يرى معاليكم مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفرص الاستثمارات السعودية في بلادكم؟.. وفي المقابل ما هي الفرص التي تراها الشركات الأذربيجانية في المملكة؟
فأجاب معالي مساعد رئيس جمهورية أذربيجان قائلاً: أولاً أود أن أشكر لك على السؤال، ونحن في انتظار الاستثمارات السعودية في أذربيجان، والآن هناك علاقات للشراكة الإستراتيجية بين بلدينا في كافة المجالات. وهناك عزم على تعميق هذه الشراكة في إطار الرؤية 2030.
وأضاف السيد علي حسنوف إن الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس إلهام علييف إلى المملكة العربية السعودية أخيراً وأجرى مفاوضات خلال الزيارة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهذه المفاوضات تضمنت السماح التام للشركات والصناديق السيادية السعودية بالاستثمار في أذربيجان في مختلف المجالات سواء كانت محلية أو إقليمية أو عابرة للقارات. وأريد أن أذكر بعض الأمثلة، حيث إن لدينا مشاريع إقليمية، والشركة الوطنية للنفط في أذربيجان لديها مشاريع في قطاع البتروكيماويات في جمهورية تركيا، وكما أعلم فإن شركات البتروكيماويات السعودية لديها الرغبة في الاستثمار في هذا المجال، وبالتالي يمكن العمل فيه سوياً. وقال: أذربيجان تمتلك كافة المقومات والمميزات السياحية، فلديها الجبال والبحار والأنهار والغابات، وأعتقد أن هناك إمكانات كثيرة أمام الشركات السعودية للاستثمار في مجال السياحة، والمواطنون السعوديون سيكونون مرتاحين جداً في أذربيجان، حيث إن طريقة التعامل ونمط الحياة وأسلوب العيش والأكل وتوفر دور العبادة، وكل هذه العوامل ستكون محل رضى السعوديين، والأهم أن المواطن السعودي سيكون مرحباً به في بلادنا وشعبنا ينتظر زيارة السعوديين لبلادهم، وسيجدون كل الخدمات الموجودة في الغرب، والأهم أنهم سيكونون وسط أصدقائهم ومحل ترحابهم وسيستمتعون برحلاتهم. كما أن هناك مشروعات عملاقة بما فيها تصدير الغاز الطبيعي الأذربيجاني إلى الأسواق العالمية، ويمكن للشركات في المملكة العربية السعودية المشاركة في هذه المشروعات، وبحسب معلوماتنا فقد زار نحو 10 آلاف مواطن سعودي أذربيجان خلال العام الماضي، ونتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 30 ألفاً هذا العام، ويمكن أن تسهم شركات السياحة السعودية في زيادة هذا العدد من خلال الاستثمار في أذربيجان.
النظام الأرميني واحتلال 20% من أراضي أذربيجان
بدوره تساءل الزميل منصور عثمان مدير التحرير للشؤون المحلية قائلاً: ربما قدر أذربيجان أن تكون محاطة بالأصدقاء وبالأعداء، وما أريد معرفته هل روسيا الاتحادية باتجاه ما وإيران بالاتجاه الآخر يساعدان في حل بعض الإشكالات التي تمر بها أذربيجان أو رفع الظلم شيئاً ما أو يؤازرا ويساعدا أذربيجان نحو استعادتها لأراضيها التي تعتبرها محتلة؟
وأجاب مساعد الرئيس الأذربيجاني: لو تحدثنا بلغة السياسة نستطيع أن نقول إن لكل دولة شريكاً في السياسة ويكون له منافس وأعلى نوع من الشركة هو الحلف، وأدنى نوع من التنافس هي العداوة، ولعل عدو أذربيجان الوحيد هي أرمينيا التي احتلت 20 بالمائة من أراضي أذربيجان وشردت مليون شخص من سكانها ودمرت وهدمت مدنها والعمران الموجود على أراضيها، وهدمت المساجد في أراضي أذربيجان المحتلة، ولعل العدو الوحيد لأذربيجان هي أرمينيا وقادتها السياسيون، إن أرمينيا مستمرة في احتلال الأراضي الأذربيجانية منذ عشرين عاماً، وتنتهك الحقوق ونداءات المجتمع الدولي، ورغم ذلك نحن لا نرى الشعب الأرميني كشعب عدو، ونحن نرى فقط النظام في أرمينيا عدواً لنا، أما بالنسبة للدول الأخرى في منطقة جنوب القوقاز، فإن هناك ثلاث دول كبرى في هذه المنطقة وهي إيران وروسيا وتركيا، وهناك ثلاث دول صغرى هي أذربيجان وجورجيا وأرمينيا، وهناك مصالح لكل هذه الدول، مصالح سواء كانت مشتركة أو متعارضة، ونحن نحاول أن نجد المصالح المشتركة مع هذه الدول باستثناء أرمينيا، ونطور علاقاتنا في هذا الاتجاه ونحن نقيم علاقات مع كل من روسيا وتركيا وإيران وجورجيا على أساس المصالح المشتركة، وعلى أساس أن تلبي طلبات أو مصالح شعبنا، وبعض أولوياتنا السياسية لا ترضيهم في حين أن بعض أولوياتهم السياسية لا ترضينا، ولكن في السياسة هناك نقاط مشتركة، ونحن نحاول بقدر الإمكان أن نجد هذه النقاط.
وفي ختام اللقاء قدم الزميل رئيس التحرير شكره وتقديره لمعالي نائب الرئيس الأذربيجاني، معرباً عن سعادته وفريق «الجزيرة» بلقائه والاستماع إلى حديثه، وقال: كما أوضح معالي مساعد الرئيس الأذربيجاني فوفق تصنيف صحيفة الفاينانشل البريطانية يعد من أنشط السياسيين في العالم داعياً ضيف الجزيرة إلى تسجيل تجاربه وطرحها في كتاب حين يحين الوقت ليستفيد الدبلوماسيون في العالم من تجربته.
من جهته قال مساعد الرئيس الأذربيجاني: أشكر صحيفة الجزيرة، فهي صحيفة كبرى ليس في المملكة العربية السعودية فحسب بل في كل منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وأتمنى لرئيس تحريرها ولمنسوبيها دوام النجاح إن شاء الله، إن صحيفتكم تعمل من أجل السلام والاستقرار والشراكة والتنمية، وأنا واثق بأنكم سوف تحققون أهدافكم، وأنا واثق تماماً بأن صحيفتكم تنال ثقة الجميع سواء في المملكة أو خارجها، ودعواتي لكم بدوام التوفيق والازدهار.
وحضر الندوة من الجانب الأذربيجاني كل من: راسيم رضاييف سفير أذربيجان لدى المملكة عمران صادقهوف سكرتير أول في سفارة أذربيجان، وبحروز حسنوف مساعد معالي السيد علي حاسنوف، كما حضر الدكتور عبدالله الأحمري المشرف على وكالة وزارة الثقافة والإعلام.