د.عبدالعزيز الجار الله
ماذا حدث إعلامياً بعد ربيع العرب عام 2010م وبداية الثورات العسكرية والشعبية ودخول الوطن العربي في الحروب الأهلية، فقد انكسرت الحدود بين العراق وسوريا حتى أصبحت سواتر وتلالا من الرمل الهابط والبوابات المشرعة بلا رقيب، تسللت من خلالها المنظمات الإرهابية ومعها الفوضي على جانبي الحدود، واليمن باعت دولتها للمغامرين الحوثيين وسلمتهم السلاح والوجهة السياسية، حتى أن إيران الدولة التي لا نتوقف عن وصفها بالجار المسلم الصديق أطلقت تصريحاتها الإعلامية الاستفزازية : أنها تحتل أربعة عواصم عربية: بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء.
كانت هناك حرب إعلامية غير معلنة تقودها إيران بالخفاء على الوطن العربي دون هوادة وبكل أسلحة وسائل الإعلام محطات فضائية وقنوات تلفزيونية وصحافة وإذاعة وعبر التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الجديد، واستعانت بالشخصيات والمجموعات المؤدلجة والمؤسسات التي تؤجر محتواها وتبيع مهنيتها ومعلوماتها:
الشخصيات الشيعية بالوطن العربي التي تحمل أحقاداً وراثية وملفقة، المعارضة في الوطن العربي، واستغلال من يرفع أي لاءات، الأقليات من غير العربية، من شعوب اعتقدت أنها ضاعت من المد العربي أو المد الإسلامي وتقاوم الإذابة.
حاولت إيران خلق تكتلات سياسية ضد الحكومات العربية القائمة من تحت الطاولة ونجحت في بعض مساعيها في تكوين خلايا مجندة أدت الدور التخريبي، وتكوين خلايا إعلامية وثقافية واجتماعية في الوطن العربي وتحديدا في منطقة الخليج العربي للتشكيك والإخلال في التوازن.
إذن: ماذا حدث ؟ الوطن العربي الذي اعتقدت إيران أنه سيكون كالعهن المنفوش، لكن استطاع الوطن العربي أن يمتص الضربة ويداوي جراحه من الداخل في تونس ومصر والبحرين، ويبقى تحت الحرب والحصار المرحلي في سورية وليبيا، ومختطف في العراق لحين عودته والصحوة والمعالجة في لبنان، ووأد أصحاب الفتن من أهل الحوثي في اليمن، واليوم تستيقظ إيران على نضوب إحلامها في صدع الأرض القاحلة، ونهايات استفزازها الإعلامي الذي كان سيفا مسلطا على جباه إعلامنا العربي وصخرة تكتم أنفاس وسائل إعلام العرب، الآن، حان للعرب التنفس والرد والدحض وتعرية الإعلام الإيراني.