ماجدة السويِّح
هل يمكن أن يلتقي العلم والخرافة؟!! وهل يمكن أن تسيطر الخرافة على أقطاب العلم والتقنية في عصرنا الحديث؟!! وهل يمكن أن يتحول الرائد في التقنية إلى فريسة للقلق والهلع من نهاية العالم بناء على نبوءات قديمة؟!!
فكرة نهاية العالم احتلت حيزا لا يستهان به في أغلب الديانات والمعتقدات، على سبيل المثال نهاية العالم في 2012 التي ترقبها العالم خلال السنوات الماضية ارتبطت بمعتقدات وتنبؤات حضارة المايا التي تعتقد أن العالم سينتهي بطوفان عظيم بتاريخ 12ديسمبر 2012، لكن مرّ التاريخ المزعوم دون كوارث أو نهايات مروعة، وعاد الناس المسكونين بنظرية نهاية العالم لممارسة حياتهم بعيدا عن مدعي العلم والغيب.
وقد ساهم الانترنت في توسيع دائرة الاهتمام العالمي بالنهاية المرتقبة المزعومة حسب تقويم المايا، وضاعف من الاهتمام الترويج لتلك النبؤة من قبل قنوات تلفزيونية موثوقة كقناة ديسكفري التي فقدت جزءا من مصداقيتها في بث معلومات غير مؤكدة ومضللة عن العواصف الشمسية المرتقبة والزلازل والبراكين التي ستنهي البشرية، وتبعتها قناة ناشيونال جيوغرافيك في تناول نهاية العالم عبر برنامجها «الناجون» من مختلف الكوارث والنوازل الطبيعية الضخمة بما فيها يوم القيامة المزعوم (2012).
في عصرنا الحالي ما زال الحديث عن نهاية العالم حدثا مشوقا ويثير الفضول في سبر أغواره، فبعد مرور أربع أعوام على النبوءة التي لم تتحقق، ظهرت نبؤات أخرى بقرب نهاية العالم في عام 2020 أتباعها من أثرياء العالم، ففي خضم الانقسامات في الوسط الأمريكي خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة برزت ظاهرة بين أوساط الأثرياء الأمريكيين في التأهب والاستعداد للنهاية القريبة من خلال البحث وشراء الملاجئ المحمية ضد الكوارث الطبيعية، فلم يعد أتباع النبؤات والاعتقادات من العامة، بل انتقلت الحمى الآن إلى عالم المليارديرات.
فحسب التقرير المثير الذي نشرته مجلة «نيويوركر» رصدت تسابق عددا لا يستهان به من الأثرياء والأسماء المشهورة غالبيتهم من أصحاب شركات التكنولوجيا المتقدمة»وادي السيليكون»، في التزود بالأسلحة والمواد الغذائية والبحث عن ملاجئ آمنة لاتقاء الكوارث.
المثير أن اللاهثين لحماية أنفسهم من نهاية العالم من أصحاب العلم والثراء، سلموا عقولهم لاعتقادات وحسابات مضللة ليس لها أساس من الصحة، من ضمن الشخصيات المؤمنة بقرب نهاية العالم المدير السابق لـ «ياهو» مارفين لياو، لذا قرر أن يتعلم مهارة الرماية لحماية نفسه وعائلته، كما يشاركه في الاعتقاد الشريك المؤسس لموقع «لينكد إن» ريد هوفمان، حيث قضى وقتا لا يستهان به في البحث وشراء أحد الملاجىء الفخمة في نيوزيلندا، في حين عمد البعض لشراء الأسلحة والمروحيات.
نظرية اقتراب نهاية العالم ضاعفت من شراء برامج التأمين من الكوارث، كما استثمرت هلع الأثرياء في تسويق ملاجئ فخمة تتناسب مع مستوى عملائهم، فقد حول أحد الأثرياء مستودعا لتخزين الأسلحة النووية إلى ملجأ فخم يحوي على 12 شقة وتحويله لملجأ للأثرياء الباحثين عن الأمان بعد نهاية العالم، حيث يضم الملجأ مؤونة وطاقة تكفي 75 شخصا لمدة 5 سنوات.
الواقع أن أصحاب التكنولوجيا تأثروا بأفلام الخيال العلمي، ممزوجا ببعض المعتقدات الدينية، مما ضاعف من حالة الهلع والقلق عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي ساهموا في تأسيسها للحديث عن قرب نهاية العالم المزعومة والاستعداد لها.