أغلقت مقبرة أم الحمام يوم الأربعاء الخامس عشر من ربيع الأول 1438هـ لامتلائها بعد 13 عاماً على افتتاحها، فقلت في رثائها:
نأتِ الديار عن وراعها الإدبارُ
وعدتْ على عرصاتها الأطوارُ
فتقطعت سُبل الوصال وأوحشتْ
دار لها في المقلتين وقارُ
قد أوصدت أبوابها ملأى فما
يأتي إليها نازلٌ أو جارُ
فغدت وما حي يراوح أرضها
إلا قليلٌ عزّ منه مزارُ
حتى كأن القوم ما ساروا بها
كلا ولا صلى(1) بها الأبرارُ
حييتِ أي أم الحمام أمنزلا
في الدار بين الأخريين قرارُ
دار الزمان على ربوعك عابساً
وجرتْ على سكانك الأقدارُ
منذ غاب عنك مشيعو موتاهمو
بعد الصلاة وقلّت الأذكارُ
فغدوت أودعَ ما عُرِفتِ سكينةُ
وكأنما نُصبتْ لك الأستارُ
أستار ريبٍ للزمان فويحه
أوَ بعد أن ماتوا له إقتارُ
يا ساكني أم الحمام أظلّكم
عصر شحيح صرفه ضرَارُ
يا ساكاني أم الحمام رعاكمو
ربُ العباد الواسعُ الغفارُ
يا ساكني أم الحمام عزاؤكم
في الدار بعد البعث نعم الدارُ
بتُّم وما يوما يبدد صمتَكم
قرعُ النعال ولا يثار غبارُ
فتصرمت منكم أواصر برزخٍ
وأتى عليها صارم بتارُ
لله أنفس إخوة أسلمتهم
تحت الركام وفوقهم أحجارُ
وأحبةٍ أودعت معهم بهجتي
في قعر مظلمة غدت إذ صاروا
ودعتهم بالأمس إذا أودعتهم
تحت التراب وفي الضلوع أوارُ
حضروا رؤى أيّان غابوا رؤية
فتردد التصديق والإنكارُ
ما زلت أفقدهم بكل مظنَّة
فالعيش بعدهمو له إمرارُ
ولإن سلى رهط فلستُ بهاجرٍ
أو قل جمعٌ إنني مكثارُ
سأظل أغدو عائداً ومسلّما
ما سار بي قدمٌ وبي إبصارُ
فسلام ربي كلما طاف الصفا
والبيت حجاجٌ لهُ عمَّارُ
دوما على أهل الديار وربعهم
دهراً مديدا ما له إفتارُ
إنا قريباً لاحقون بكم متى
شاء الإله الواحدُ القهارُ
ولقد طمعت بأن يطول بها وبي
عمرا فأسجى قربكم وأزارُ
ما يلبث الزوار أن يُتخرَّموا
ليلٌ يَعُدّ خطاهمو ونهارُ
صبَّ الإله الجمّ من رحماته
وسقت رفات قبوركم مدرارُ
واستبدل الألحاد في أجداثكم
روضا مِدادا زانها الأسفارُ
وأثابكم بعد النشور جنانه
بجوار أحمد طاب ثمَّ جوارُ
(1) صلاة الجنائز
- هشام بن عبدالعزيز المخضوب