سمر المقرن
ما زلت أتذكر ذلك المشهد وأنا طفلة عندما ألعب بالملاهي وأبدأ البحث عن أمي وأنا داخل اللعبة، فبمجرّد أن أراها وأومأ لها بيدي أشعر بالمتعة والأمان. نفس المشهد يتكرر مع أولادي، ففي داخل مدن الملاهي وفي بعض الألعاب التي لا تسمح بصعودي معهم كانوا يبحثون عنيّ وبمجرّد رؤيتي وأنا أتابعهم وأتعايش معهم بحركات وكأني داخل اللعبة، كانوا يشعرون بالسعادة.. هذه المشاهد تدور في ذهني وأنا في جولاتي المتكررة مع «سلومي» داخل مدن الألعاب، حيث أرى بعض الآباء وقد تركوا أطفالهم في هذه الألعاب مع العاملة وقد ذهبوا في جولة للتسوق أو جلسوا على مقاعد المقاهي في انتظار أن ينتهي طفلهم بأخذ جرعة من الترفيه واللعب، وفي اعتقادهم أنهم قاموا بكامل واجبهم تجاه هذا الطفل، وفي حقيقة الأمر أن الطفل لا ينتظر اللعبة بقدر ما ينتظر ذلك الشعور في مشاركة والديه أو أحدهم له وهو يلعب.
اللعب في حياة الطفل ليس ترفيهاً فقط، بل هو حياة متكاملة لكسب كافة الخبرات والمهارات التي تبني حصيلته الفكرية والبدنية، وهو أيضاً أداة مهمة لتعبير الطفل عن مشاعره، لذا وجود الوالدين أو أحدهما في هذه الأوقات يكون فيها تواصل من نوع آخر، تواصل جداً لذيذ وممتع لكلا الطرفين، وفيه أيضاً حديث واكتساب خبرات وإن لم يكن حديثاً مباشراً، مجرد الإحساس الذي ينتقل للطرفين من خلال هذه المشاركة يمنح الطفل كثير من الأمان والاطمئنان، فالهدف ليس اللعب وحده، بقدر ما هو مجموعة من متكاملة من ممارسة أجمل أوقات الحياة من خلال هذه اللعبة.
وقد يغيب عن بعض الأباء أن أفضل وقت يمكن من خلاله توجيه التعليمات يكون من خلال اللعب، لأن الطفل بطبيعته لن يستجيب للتعليمات المباشرة، أو أنها لن تكون ثابتة في ذهنه كما لو أنها جاءت عن طريق اللعب. والأمر كذلك لا يختلف عند متابعة الطفل للبرامج التلفزيونية وأفلام الكرتون، فجلوسه وحده لن يكون مجدياً بعكس لو كان خلال هذا الوقت يتواجد الأبوان معه أو أحدهما لنقاشه في الأفكار المطروحة وهذا ما سيساعده على تنمية التفكير النقدي لديه.
حياة الأطفال جميلة جداً، والأجمل أن يعيش الأبوان طفولتهما مجدداً مع أطفالهما، فهذا عبارة عن سعادة تنمو، ومتعة بالطفولة لا تنتهي.