مرَّت على بابه مسكونة تعبا
آماُلها تطرق الحزن الذي حجبا
تستوقف الشوق إذ مالت له وجلا
تستنطق الأمس إذ لم تلق ما نهبَ
تسترجع العمر من أقصى غياهبه
تستمطر الجدب ما قد أعجز السحبَ
***
يا أنتَ .. من سلب الأحلام حرمتها
من حرَّض الشمس حتى تنطوي هربا
من لقن الغيم أن يتلوك من مطر
واستنزف الليل خمرًا ثلجه الشهبَ
عتقت في كأسك الفجر الذي ولدا
لتشرق الشمس من سكرٍ بها عنبا
لا .. لم أعدْ لتعود لي كما سبق
ولا لأشعل في رمادك اللهبَ
تلك الحَكَايا قد اجتزت على عجلٍ
وعدّتُ في عجلٍ لأعرف السببَ
مالي أراك وقد ضاقت بكَ السبلُ
لا عذر تملكه .. هل ضاق ما رحب؟
كم مرة رَتَقَتْ أكذوبةٌ وجعي
وتعجزُ الآن لا صدقًا ولا كذبا
مدّت له يدها .. أعطتهُ ما نسيا
أوراقَه .. صوراً .. وكل ما كتبَ
وبعد أن أفرغت من أمرها جدلا
وبعد أن سكبت من حقدها غضبا
ترنو إليه ولم تحفلْ بنظرته
فجاء صوتُهُ كالموج الذي ضرب
***
عودي أيا مدني عودي إلى ما مضى
من أنكر الصمت من غيريْ الذي شجبا
كيف السبيل إلى النسيانِ .. والألمُ
لما يزل .. من دمي سكينه خُضب
والقلب يا أنتِ لم يعد له سكن
قد هام خارج صدري .. هام مغتربا
لم يبقيَ اليوم ليلٌ من قصائدنا
إلا قلائدَ منها الهمُّ قد شربا
حاولت نسيانكِ والجرح يمنعني
والليل حمَّلني من وحيك نصبا
عودي إلى عمق نسياني بلا أسفٍ
لقد دفـنـتـكِ والأحـلامَ والتعبَ
- شعر/ حسين عبيري