عبد الرحمن بن محمد السدحان
«أينما توَلِ وجهَك شطر المشرق والمغرب يتلقّفْ سمعَك حديثٌ عن دور الرجل والمرأة في منظومة التنمية، هناك من يراهما وجهيْن لعملة واحدة، وهناك من يغلّب كفةَ أحدهما على الآخر، لأسباب وحيثيات يرجّحها هذا الفريقُ أو ذاك، تأييداً لموقفه.
* * *
«ولا شك أن للمرأة في بلادي نصيباً وافراً من هذا الجدل.. يُطرح بمناسبة حيناً وبدونها أحياناً. وعندي أننا نظلم المرأةَ والرجلَ معاً، ونظلم أنفسنا لو افترضنا وجودَ علاقة تنافسيّة بينهما على أدوار التنمية، لأن هذا سيخضعنا لمحنة التناقض التي تَعرّض لها المجتمعُ الغربي ولا يزال !
* * *
«فهو يَجْهر نظرياً بالمساواة بين الجنسين ويبشّر بها، وينصح الآخرين بالتوجُّه نحوها، لكنه يصطفي عملياً كثيراً من الممارسات الإرادية والتلقائية معاً.. مناقضاً بذلك (فلسفته الأفلاطونية) تجاه المرأة، بمعنى أنه يدعمُها عَلَناً، تحت مظلة (حقوق الإنسان)، لكنه (يضطهدها) عبر مساحة يتقاسمُها السرُّ والعلنُ !
«يْضطهدها حين لا ينصفها ضمن بيئة العمل.. أجراً وأداء وتعاملاً.
«ويضطهدها حين يستعمر (تضاريس) جسدها ترويجاً لبضاعته.. أو (ترويحاً) لغرائزه!
* * *
«والمرأة الغربيةُ بدورها تعشقُ مبدأَ المساواة، لكنها حين تصطدم بخصوصيتها الفطرية تتراجع في موقفها إلى حدّ طلب (العون) من الرجل إنْصَافاً لفطرتها منه، وانتصاراً لخصوصيتها ضدّه، ويصبحان في هذا الحال.. خصماً وحكماً!
* * *
«إذن، فالدور التنموي للمرأة في بلادي يجب ألاَّ يخْضعَ في تقديري لمعيار فلسفي فجٍ يتعذّر تطبيقُه، أو ناموسٍ حضاريّ معْوجّ يُنْكر على المرأة فطرية التكوين التي شاءها الخالقُ لها، أو مبدأ عولميَّ مستورد يصادر منها عفّتَها وعفَافَها!
* * *
«والبديل لذلك.. إن كان لابد من بديل.. هو أن نتصور دورَ المرأة جزءاً من منظومة الأداء التنموي فـي مجتمعنا، تمارسُ من المهام ما يتّفقُ مع طبيعتها، ويجنّبُها محنةَ الصَّدام (الآدمي) مع الرجل، ونحن جميعاً مطالبُون، قياداتٍ وأفراداً، أن نراعيَ معادلة التوازن بين طرفيْها، فلا نظلم أحدَهما بترجيحه على الآخر استجابةً لهاجس الجنسِ وحده، ولا نَهضمُ قدْرَ ولا قدرةَ أيّ منهما على الأداءَ المتفوقَ لمجرّد التبَايُن في هويته (البيولوجية) أو الإنسانية!
* * *
«باختصار: نحن مَطالبُون باكتشاف مواهب التكامل بين الرجل والمرأة لمصلحة الوطن لا بإثارة التناقض الفطري بينهما.