عبدالحفيظ الشمري
المسح الطبي الذي تجريه وزارة الصحة هذه الأيام؛ بمختلف مناطق المملكة هو فرصة مناسبة وحيوية لتقييم الأوضاع الصحية، وحصر المنجز الطبي بالأرقام، وكشف أبرز المعوقات التي تواجه العملية الطبية بمختلف تكويناتها؛ التشخيصية والعلاجية، ومعرفة نقص المرافق، وندرة الأعمال الميدانية التي تحدد متطلبات العمل الصحي الذي يتطلع إليه المواطن باعتباره ركيزة أولى من ركائز نمائه، وسلامته من الأمراض والأوبئة.
ففي هذا المشروع لا بد أن ندرك حقيقة مهمة تتمثل في أن تقويم الحالة الصحية للسكان لا بد أن يخرج بنتائج واضحة، لا لبس فيها، فكانت معروفة مسبقاً وعلى مدى عقود، تتمثل في نقص المرافق، وندرة التشخيص والعلاج وغياب الكوادر الطبية، ولنكون معاً على دراية بأن مشروع الصحة لدينا بحاجة إلى تغيير جذري؛ وذلك من خلال حلول مناسبة لبناء ثقافة صحية تصبح مع الوقت منطلقاً سليماً، وحافزاً من أجل تقديم الأفضل قدر الإمكان.
فالثقافة الصحية باتت الآن تتطلب معلومات وأرقام وقيم ومسوحات ميدانية؛ تكشف الكثير من الممارسات والعادات الصحية، والأنماط الغذائية، وطرق العلاج في الحياة اليومية لدى المجتمع، الذي لم يخضع ومنذ أن تأسست هذه الوزارة إلى أي عمل تثقيفي واضح وشامل، ومبني على معلومات، وأرقام تفيد الجهات الطبية؛ من أجل تقديم خدمات أفضل في مجال الصحة العامة، ومكافحة الأمراض، والحد من انتشار الأوبئة.
فالمسح الطبي حتماً سيوفر بيانات وأرقام ومعلومات عن الأسر لا سيما من لديهم بعض المشاكل الصحية والأمراض الوراثية على نحو نقص المناعة، وأمراض الأطفال، وخدمات الطب المنزلي، ومتابعة كبار السن الذين يعانون من بعض الأمراض، وكذلك الوقوف على مسببات قلة الاهتمام بالصحة والغذاء والابتعاد عن الخدمات الطبية، وندرة المرافق أو انعدامها في بعض المناطق.
ولكي يتم العمل الصحي بشكل مناسب لا بد من قيام جهات متخصصة يتم دعمها من قبل منظمات الصحة العالمية؛ من أجل أن تكون المسوحات والأرقام والمعلومات مطابقة للمعايير الصحية العالمية، ليتم معرفة احتياجات المواطن وتقديم الخدمات المناسبة، وربما أولها وأهمها هو «التأمين الطبي» الذي يعد هو الخطوة الأولى لتطبيق مضمون العمل الدولي في مجال الصحة والغذاء ورعاية الأسرة والطفل؛ فلا بد أن يتماشى مع هذه الأسس والمعاير، وألا يكون العمل المسحي مجرد اجتهادات وأعمال شخصية، وبأدوات وأساليب عادية.
فالأهم في هذه الخطوة المعلوماتية والمسحية لوزارة الصحة هو أن يتم إنشاء مركز معلومات طبي متكامل، من أجل المساعدة على إيجاد حلول مناسبة، لتوفر هذه الجهود الميدانية مظلة معلوماتية حديثة، تؤسس لنظام صحي متكامل؛ يحقق للجميع معادلة البناء والتنمية.