د. خيرية السقاف
تساقطت حبات المطر
تفتح عينيها, ورأسها يتدلى للخلف, بفرح طفولي تجعل من بحيرتيهما مآلا للمطر
كفَّاها الناعمتان تمررانهما على وجهها, وشعرها, وتطلق ضحكاتها من معقل صمت طال..
هناك وقفت عن بعد أمها تناظرها, وتبكي: يا الله, أثمة رحمة أوسع من رحمتك بها في لحظتك هذه..؟
كأنما الله قد أرسل الغيمة لتغسلها, لتمد عينيها بعذبها عوض ملح دموعها, لتطلق عن داخلها صمت صوتها,.. لتريها مسارب ضوء, لتأخذها حيث تنبت الضحكات وتعرِّش, لتشرع عن صدرها أبوابا أوصدت من زمن, لتعيدها لساحة البيت خارج معقل الحجرة التي بالكاد تعرف النور من زمن توحدها بذاتها,
دقائق, والغيمة مرت, والمطر في ذيولها غاب, ..
تحركت هي, في المساحة بين سوري الدار, تحركت, كأنما ترغب في اللحاق بالغيمة في السماء, ركضت قليلا نحوا باختلاف, وتوقفت من ثم..
الغيوم لا تزال توشي بالمطر, والسماء تعد بقطرات آتية..
وهي تقف كأنها في انتظارها, طوقت جسدها النحيل بذراعيها, دست وجهها في فرو قميصها, مسحت خديها بجانبي كتفيها, أعادت نظراتها نحو أمها الواقفة بشغف عند مدخل البيت ترقبها بحنو ثري, وهي لم تحرك عينيها بعيدا عنها مذ أول قطرة تلقاها جسدها الناحل, وجبهتها الباهتة,
أمها مضطربة بصمت, لم تعد تعرف ما الذي ستفعله هي..؟!
فالباب الخارجي للدار موارب, يا رب شهقت أمها بوله, في داخلها خوف من أن تركض ابنتها إليه وتهرب..
فعلت ذلك قبلا, تحدث نفسها, وبالكاد وجدتها مندسة تحت شجرة في طريق بعيد..!
لكن هي لا تزال تقف مكانها, تعلق نظراتها نحو أمها مذ فعلت, وتلك لا تزال بشغف تحتويها بخوفها, وحنانها,..
أعادت نظراتها للسماء, وأطالت,
ثم ما لبثت أن أسرعت كبرق في السماء مرَّ نحو أمها,
دست رأسها في صدرها, دلقت بمطر السماء فوقه,
واختلط نشجيهما..!
******
حدث هذا البارحة في حضرة المطر ..!!
******
«س» اشرعي النوافذ والأبواب للمطر,
قد أعادها إليكِ سيدة الصبر أنتِ.