«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
الأسبوع قبل الماضي تقرر إجراء عملية جراحية لزوجتي. ومن ضمن الإجراءات المعتادة طالبنا المستشفى بحضور متبرعين بالدم. وتراكض الأبناء والمعارف لتأمين أكياس الدم المطلوبة. ومن يعمل في المستشفيات أو له علاقة بالصحة أو حتى يدخلها في الحالات الاضطرارية، مثل الولادة والحوادث أو حتى أمراض أخرى تستوجب إجراء عمليات جراحية، يسمع عن ضرورة توفير دم من متبرعين.. يحدث ذلك في مختلف المستشفيات العامة والخاصة في المملكة وخارجاً، والحاجة للدم من الأهمية والضرورة لإنقاذ حياة المريض،ص خصوصاً المصابين في الحوادث، أكانت حوادث سيارات أو حوادث أخرى أو بعض الحالات المرضية التي تحتاج للدم.كالمصابين بنقص الدم الحاد أو فقره.. أو أن بعض المرضى بحاجة لاستبدال دمه لمرض ما.كونه في حالة خطيرة تستوجب ذلك. والتبرع بالدم يشعر الجميع أنهم بحاجة لبعض وبحاجة ماسة لروح الرحمة والشعور الإنساني العظيم.وكم ساهم متبرع بالدم وبكمية بسيطة في إنقاذ حياة مريض، وعلى الأخص إذا كانت فصيلة دمه نادرة ولا تتوفر لدى أفراد أسرته وأقاربه وحتى معارفه. لذلك نقرأ في السنوات الأخيرة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي عن الدعوة للتبرع بالدم لبعض الحالات العاجلة والضرورية جداً.
وجميعنا تعلم في المدارس وحتى من الحياة أن التبرع بالدم يشكل حياة لإنسان لا حول له ولا قوة إلا بالله، فهو الآن مريض وبحاجة لمن يمد له يد العون، فكيف عندما يكون ذلك من خلال التبرع له بالقليل من الدم.. هذا الدم هو الحياة المستمرة داخل أوردتنا وشراييننا، وبالتالي هو المصدر لإشباع الجسد في كل أجزائه سواء كانت شرايين أم أوردة أو أنسجة، فالدم هو الذي يحمل الأكسجين إلى الرئتين، وهو الذي يحفظ توازن الجسم ويساعد على الشعور بالحيوية والنشاط , نكتشف ذلك عندما نقصر في تناول الغذاء الجيد المتوازن الذي يمدنا بالطاقة من خلال الدم. ولقد قامت وزارة الصحة ومنذ القدم بالاهتمام بتشجيع التبرع بالدم في المجتمع عبر نشر المنشورات والملصقات، وحتى تعزيز التوعية الصحية بأهمية التبرع بالدم عبر المحاضرات والندوات. وكنت طالباً قي الثمانينات الهجرية بالمعهد الصحي بالهفوف، ووقع حادث شنيع أيامها لحجاج من دوله إسلامية شقيقة في وقت متأخر من الليل.
وطلب منا المساعدة والمشاركة وحتى التبرع بالدم. فكانت مشاهد إنسانية لا أروع وأنت تشاهد الجميع يتبرع بالدم، أطباء وطلاب وعمال.كانت مشاهد لازالت في ذاكرتي.؟! وبفضل الله توجد ومنذ عقود بنوك الدم في مختلف المستشفيات بالمناطق والمحافظات وحتى المدن. عطاء خيري وإنساني دائمين.. وعادة لا يمكن سحب الدم من المتبرع قبل فحصه فحصاً شاملاً. وأن لا يكون عليه ضرر بعد تبرعه.؟! وتشجيعاُ للتبرع بالدم تمنح وزارة الصحة ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة لكل متبرع، وتقام عادة بعض الاحتفالات لتكريم هؤلاء.. وماذا بعد قال تعالي: إنما المؤمنين أخوة.صدق الله العظيم.
وهذا وجه من أوجه الخير والبر، وكلنا معرضون في أوقات الشدة والأوقات المرضية الحرجة للحاجة لمن يتبرع لنا بالدم. فهل أنت أخي المواطن والمقيم .. هل تبرعتما بالدم؟. وربما لا يعرف البعض أن مولاي خادم الحرمين الشريفين، قائد هذه الأمة، من أكثر الذين تبرعوا بالدم .. حفظه الله وأدام عليه صحته وطول العمر. وأخيراً إن التبرع بالدم يوازي أي نوع من التبرع للضعفاء والمحتاجين، وديننا وإسلامنا يحثاننا على الخير والدعوة إليه وتعزيز المودة والرحمة، لنؤكد للجميع أننا لحمة واحدة، وأننا أمة الخير والإنسانية والحب والسلام..؟!