عبدالعزيز السماري
يدرس حاليًا مجلس الشورى مقترح «نظام منع الكسب غير المشروع»، وتقديم إقرار للذمة المالية من قبل من يتولى المسؤولية الحكومية..
يشمل النظام إلزام الوزراء، ونوابهم، وشاغلي المرتبة الممتازة، والقضاة، وكتاب العدل، وأمناء المناطق، ورؤساء البلديات، والسفراء، ورؤساء المؤسسات الرسمية العامة المدنية، والعسكرية، ومديريها، وموظفي الدولة من شاغلي المرتبة الثالثة عشرة فما فوق.
الفساد المالي والإداري سرطان الدول، وهو المرض العضال الذي قد يفتك بحاضر ومستقبل هذه الدول، وهو الفيروس الذي يدمر أجهزة الدولة، وعندما تتعطل تُصاب بالشلل وتمرض، ثم تعاني في أيامها الأخيرة.
الفساد المالي ليس فقط رمزًا للأنانية والجشع، لكنه حقيقة مرَة، وفي منتهى التآمر، وخلاصته أن بعض المسؤولين لا يخونون فقط الثقة الملكية، ولكن ينصبون العداء للوطن، ويتأمرون ضد مستقبله..
فالفساد والكسب غير المشروع في درجة خطورة الإرهاب، وقد يكون أخطر منه في بعض الأوجه، وذلك لأنه قد يظهر في أغلب الأحيان في هيئة الوطني المخلص والمواطن الفاضل، في حين أنه يعبث بأسس الوطن، ويسعى لهدمه..
المشكلة التي نواجهها أن أخبار الفساد أصبحت تزكم الأنوف، ويدخل في تلك الأخبار الشائعات المزيفة في بعض منها، وقد يكون بعضها الآخر حقيقيًا، ويستحق التحقيق فيه، وفي تجاوز هذه الشائعات رفعُ لدرجة التشاؤم، وعند إقرار تطبيق هذا النظام سيكون بمنزلة البوابة التي تفرز مثل هذا الأخبار، وتكشف حقيقتها أو زيفها.
نظام الكسب غير المشروع مشروع وطني عملاق، ينتظره الجميع، ولو تم إقراره وتطبيقه سيكون بمنزلة النقلة العالية في تاريخ المملكة، ويدل طرحه على طاولة مجلس الشورى على إدراك القيادة العليا لمدى خطورة الفساد المالي والإداري على الأمن الوطني وعلى مستقبل الدولة في مختلف اتجاهاتها..
لو تم تطبيقه من دون تأثيرات أو حسابات سنقفز في سلم النزاهه العالمي إلى مراكز متقدمة، وسنصبح في موقع غير مسبوق عربيًا وعالميًا، وستشهد المملكة قفزة تنموية في جميع القطاعات.
لو تم إقراره وتطبيقه بشفافية، سنتحول إلى مثال عالٍ للتميز والمجد، وسنتحول إلى قدوة لكثير من الأوطان، وربما نكون أرضًا جديدة لتحقيق المعجزة التنموية في غرب آسيا لأول مرة.
لو تم إقراره وتطبيقه سترتفع الإنتاجية، وسنخرج من عنق الزجاجة بسهولة، وسنتحول إلى بلد منتج في زمن قياسي، وسنشهد مرحلة جديدة من الإبداع والإنجاز لأبناء هذا الوطن.
لو تم إقراره ستنال الرؤية الوطنية درجة امتياز في امتحاناتها المقبلة، وستحظى بثقة الجميع، ولن تتوقف أو تتعثر أمام أي من تحديات الزمن المقبل..
قيل في الأثر إن كلمة لو من عمل الشيطان، وهي كذلك، إلا في سياق مسألة نظام الكسب غير المشروع، التي سيكون فيها استخدام كلمة «لو»، أداة وشرط لتحقيق الخير في المستقبل، لو تم إقراره من قبل مجلس الشورى.
عندي يقين أن القيادة الحكيمة ستقر هذا النظام التاريخي والمفصلي، وسيكون إقراره بمنزلة الحد الفاصل بين زمن وآخر، وسيكون بمنزلة كلمة السر التي تفتح أبواب المستقبل لهذا الوطن الجميل.
طرح مثل هذا النظام وتطبيقه بشفافية، يدل على بزوغ وعي سياسي جديد، سترسم ملامحه المستقبل الذهبي لأرض الخير، وستكون أرض الوطن ملاذًا للإنجاز بكل ما تعنيه الكلمة، حفظ الله الوطن من شرور وفساد الكسب غير المشروع.