د. أحمد الفراج
خلال الأسبوع الماضي، وبعد استجوابات طويلة، وتأجيل غير مبرر، وأخذ ورد، بين الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ، صوَّت المجلس على إقرار تعيين السيناتور، جيف سيشون، وزيرا للعدل، وقد صوت الديمقراطيون، عدا سيناتور واحد، ضد التعيين، ولأن الجمهوريين هم الأغلبية، 52 من أصل 100 سيناتور، فقد تم إقرار التعيين، وقد جرت العادة أن يَتمَّ إقرار معظم مرشحي الرئيس الجديد بأغلبية كبيرة. هذا، ولكن الوضع مختلف هذه المرة، مع الرئيس ترامب، وذلك نتيجة للانقسام الأيدلوجي الحاد، بين المحافظين والليبراليين في المجتمع الأمريكي حالياً، خصوصا فيما يتعلق بوزير العدل الجديد، فما هو السبب في ذلك؟!.
وزير العدل الجديد، جيف سيشون، يتهم بالعنصرية، من قبل بعض جماعات الحقوق المدنية، ومنظمات السود، وهو من ولاية الاباما، في عمق الجنوب الأمريكي المحافظ جدا، ولهذه الولاية تاريخ طويل في الحراك العنصري، قبل أن يَتمَّ إقرار قانون الحقوق المدنية، في ستينات القرن الماضي، كما أنها واحدة من الولايات، التي انفصلت عن الولايات المتحدة، بعد أن قرر الرئيس ابراهام لينكولن، إلغاء الرق، قبل أكثر من قرن ونصف، وسبق أن عمل وزير العدل الجديد مدعيا عاما لولاية الاباما، قبل أن ينتخب عضوا في مجلس الشيوخ، عن ذات الولاية، ويزعم خصومه أنه اتخذ قرارات تدخل في باب العنصرية، خلال تلك الفترة، وكان ترامب قد رشح سيشون لوزارة العدل، لأن الأخير كان من أشد المخلصين له، منذ اليوم الأول لترشحه للرئاسة، وبالفعل، فقد كان سيشون يحضر بعض تجمعات ترامب الانتخابية، بل ويشارك في فعالياتها، وهو حق مكتسب له.
وحتى نكون موضوعيين، فإنَّ أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، فشلوا، أثناء استجواب وزير العدل الجديد في المجلس، في إثبات أي تهمة عنصرية ضده، وعلاوة على ذلك، فقد شهد بعض السود لصالح سيشون، وأكدوا أنه لم يكن عنصريا، بل اتسم عمله بالمحافظة على قيم العدل والمساواة، وكانوا بهذا يردون على خصومه من السود، والذين قادوا حملة تشويه ممنهجة ضده، وعلى رأسهم عضو مجلس النواب الأسود، جون لويس، والذي شهد ضد زميله في مجلس الشيوخ!، في ظاهرة نادرة الحدوث!.
الحملة الشعواء، التي تبناها الديمقراطيون ضد مرشح ترامب لوزارة العدل، ليست الأولى، فهي جزء من الحملة الممنهجة على ترامب، وأركان إدارته، منذ فوزه بالرئاسة، وهي الحملة التي يتولى كبرها الإعلام، وقد واجه معظم مرشحي ترامب الآخرين ذات الشيء، فوزيرة التعليم، ووزير الخزانة، ووزير الصحة، واجهوا استجوابات شرسة، في مجلس الشيوخ، وان لم تكن بمستوى شراسة الحملة على سيشون، وأستطيع القول، كمتابع للشأن الأمريكي، إن هذه الحملات لم تكن لتحدث، لو جاء الرئيس الجديد من داخل المؤسسة الرسمية في واشنطن، فالمشكلة، وكما أكدنا مراراً، هي أن ترامب جاء من خارج المؤسسة، ووعد بأن يزلزل واشنطن، لخدمة المواطن الأمريكي، وهذا هو سبب الحملات الشرسة ضده، من الساسة ومن الإعلام، فانتظروا مزيداً من المعارك القادمة!.