فهد بن جليد
تبدو الفكرة (غريبة) بعض الشيء، ولكن ردّة فعل الناس داخل (مصاعد) الفنادق والمجمعات التجارية والمصالح الحكومية ... إلخ، تختلف من مجتمع إلى آخر، لتعكس لك شيئاً عن حال العلاقات التي وصل إليها البشر ؟!
العرب كعادتهم منقسمون - أتحدث من خلال تجربة شخصية - هناك من يُدير لك (ظهره) ليمنحك شيئاً من الخصوصية بمُجرد صعوده اعتقاداً أنّ هذا من (أتيكيت المصاعد) ليتظاهر بانشغاله بهاتفه أو النظر إلى الأعلى أو إلى مؤشر الصعود والهبوط للأدوار، بالمقابل آخر قد يسترق النظر (ليُبحلِق) في تفاصيل وجهك وملابسك والأغراض التي تحملها من خلال (المرآة العاكسة) إن وجدت، دون أن يعلم أن أمره مكشوف، ثالث قد يتطفَّل عليك بكثرة الأسئلة والشكاوى طمعاً في إشراكك في همِّه ومُعاناته من خلال حوارٍ قصير يبحث فيه عن حل أو تجربة يستفيد منها في المكان الذي جمعكما سوياً، في كل الأحوال العرب داخل (المصاعد) هم الأكثر إثارة من غيرهم؟!
الأجنبي - عادة - أكثر (اتزاناً) داخل (المصعد) فهو يحافظ على هدوئه بابتسامة صغيرة، ويندر أن يُبادر لمُساعدتك حتى في ضغط (الزر) لإغلاق الباب، ليترك لك فعل ذلك والاعتماد على نفسك (كواجب حتمي)، بينما العربي ربما ضغط الزر الخطأ - بقصد الفزعة - مما قد يُعطِّل وصولكما معاً للوجهة التي يقصدها كل منكما؟!
المصعد ليس سوى (حالة مُصغَّرة) لمصعد أكبر نعيش في داخله جميعاً ليصل كل منا إلى حيث يريد، ولكن هناك أشخاص قد تُصادفهم في الطريق ربما تدخلوا في تغيير مسارك وهدفك!
الباحثة الأسترالية (ربيكا روسي) بحثت المسألة لنحو (عامين كاملين) وجدت في النتائج أنَّ أنمَاط الناس تختلف عند ركوب المصاعد؟ فكبار السن يتوجهون تلقائياً إلى العمق، بينما يختار الشباب (الأماكن) القريبة من الباب ليخرجوا بسرعة، فيما تتفحصُ النساء بعضهن (بشدة) داخل المصاعد المُكتظة..!
لن أغضب لو وضعت ما سبق في خانة (الفلسفسة أو السفسطفائية) ولكنه حتماً واقع مُعاش ستلّحظه، عليك -أن تُفسر أبعاده- كلما جمعك (المصعد) مع شخص آخر؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.