د عائض محمد آل ربيع
ونحن نعيش هذه الأيام احتفالات مهرجان الجنادرية التراثي والثقافي في دورته الواحدة والثلاثين - هذا الحدث الذي يعد مثالاً حياً وعملياً للوحدة الوطنية ورسوخ الأمن الفكري- استحضرت ما كتبه الأستاذ الدكتور علي الجحني في كتابه القيم الأمن الفكري والوحدة الوطنية المملكة العربية السعودية أنموذجاً فقد ذكر بأنه «لا أمن دون فكر سليم ولا فكر دون أمن ولامعنى لكليهما دون وحدة وطنية... والأمن الفكري أن يأمن أبناء المجتمع على معتقداتهم ومبادئهم ومكونات ثقافتهم، وحمايتها في إطار الاعتدال والتسامح والوسطية».
إن ما نراه من أمثلة ضرب الوحدة الوطنية في عدد من الدول العربية تعمل عليه إيران ومليشياتها من تخريب أمن البلدان ومعتقداتها ومبادئها وبث روح الفرقة بين أهل البيت الواحد يجعلنا نتمسك بوحدتنا وأمننا ونتعظ بما حصل لغيرنا؛ فقد عملت إيران من خلال عملائها على هذه الاستراتيجية في لبنان ثم ما لبثت أن استخدمتها في العراق ثم سوريا ثم اليمن وتعمل عليها الآن في دول عربية غيرها، فما أن بثت سمومها وشعاراتها الهدامة حتى بدأ الصراع والجدال والفرقة على أسس مذهبية وعرقية وحتى أهل المذهب الواحد قسمتهم أيضاً، وما أن وطئت أقدامها تلك الديار حتى سالت الدماء والمجازر وتشردت تلك الشعوب التي عاشت على أرضها بسلام لآلاف السنين.
إن مهرجان الجنادرية يؤكد على أن السعوديين يؤمنون بوحدتهم ويفتخرون أيضاً بتقديم تراثهم التقليدي المتنوع والأصيل للعالم في هذا الكرنفال الثقافي والفني، وهم في نفس الوقت يمسكون بسلاحهم ويقظون لمخططات أعدائهم لضرب هذه الوحدة، ويقدمون الشهداء من كل المناطق دون استثناء في سبيل المحافظة على وطنهم وأمنه، وهم مؤمنون بأنه واجب يفرضه عليهم دينهم، وممتنون لله سبحانه بأن خصهم بشرف الذود عن قبلة المسلمين، ومسجد نبيه صلى الله عليه وسلم واحتواء بلدهم على جسده الطاهر.
إن مهرجان الجنادرية علاوة على كونه مظهراً للوحدة الوطنية فقد أضاف للتحالف العربي تحالفا آخر على المستوى الثقافي يؤكد على الهوية العربية وأصالتها، فنجد أن هناك مشاركات دائمة من الدول الشقيقة في الخليج العربي البحرين، والكويت، وعمان، والإمارات، وقطر، وفي هذا العام كان ضيف الشرف جمهورية مصر العربية.
نأمل أن نرى قريباً في مهرجانات الجنادرية القادمة عروضاً أصيلة ثقافية، وفلكلورية، وحضارية من العراق، واليمن، وسوريا بعد جلاء الاحتلال الفارسي عنها.